وفي ما يلي نص الرسائل الثلاث:
الرباط في 30/01/07
من السيد خليهـن ولد الرشيـد
رئيس المجلس الملكي الاستشاري
للشؤون الصحراوية
إلــــــى
السيد أنطونيـو غوتيريـس
المفوض السامي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين
الموضوع: توضيح حول مآل المساعدات الغذائية الموجهة إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين الموجودين في مخيمات تيندوف.
لقد أثارت انتباهنا الحملة الصاخبة، التي يقوم بها البوليساريو وبعض وسائل الإعلام الجزائرية حول الوضعية الإنسانية في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين الموجودين في تيندوف.
ويطيب لي أن أتوجه إلى سيادتكم، لأحيطكم علما بالتوضيحات التالية:
إن ناقوس الخطر الذي دقته جبهة البوليساريو حول الوضعية الإنسانية في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف، بالجزائر، من خلال ما يسمى "بالهلال الأحمر الصحراوي"، الذي هو في الواقع أداة من أدوات الدعاية لدى البوليساريو، وبعض وسائل الإعلام الجزائرية، ليس إلا إدعاء كاذبا من أجل الاستمرار في استغلال المساعدات الدولية التي لا تستفيد منها في الواقع إلا حفنة من قادة البوليساريو.
لقد أعلن البوليساريو لهذه الغاية، أن مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف مهددة ب"مجاعة وشيكة"، بسبب "استنفاد مخزون المواد الغذائية" مشيرا، من أجل تعزيز أطروحته الدعائية، إلى دراسة مزعومة حول الوضعية الغذائية تحذر "من حالة مأساوية في المخيمات".
وتزعم هذه الدراسة أن 66 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و45 سنة، و62 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون من فقر الدم، وأن نسبة حالات سوء التغذية لدى الأطفال تبلغ 35 في المائة.
إن العديد من المراقبين ليتساءلون عن الأهداف غير المعلنة لحملة الدعاية هذه حول هذه "الوضعية الحرجة في المخيمات"، كما وصفتها وسائل الإعلام الجزائرية ونداءات الإغاثة التي أطلقها غير ما مرة ما يسمى ب"الهلال الأحمر الصحراوي".
منذ أزيد من 30 سنة، والبوليساريو يواصل استخدام سكان مخيمات تيندوف، كأداة للمقايضة وكأصل تجاري لا ينضب من أجل استدرار المساعدات التي يتم تحويلها باستمرار من طرف بعض قادة البوليساريو، وتصريفها في أسواق مختلفة.
إن هذه الحفنة من قادة البوليساريو التي تتمسك بهذه الممارسات، تغتني بشكل فاحش على حساب المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بتيندوف الذين يكابدون كل أنواع الآلام والانقسامات الأسرية.
وعلى حساب هؤلاء نطيل عمر إدارة متصلبة، وبالتالي نضمن استمرار وجود كيان غير ديمقراطي. ومن خلال أعمال من هذا القبيل، يسعى البوليساريو إلى تغليط المجتمع الدولي، في حين أن الجميع أضحى على وعي تام بكل هذه المناورات.
وفي الحقيقة، فإن المساعدات الدولية لم تتقلص، غير أن قادة البوليساريو هم الذين حولوا مخيمات تيندوف إلى محل تجاري كبير لصالحهم، يتاجرون فيه بكل أنواع البضائع التي يحصلون عليها بالمجان من الهيئات الإنسانية الدولية، مع أن هذه المساعدات يفترض أن توجه مبدئيا إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف، وهو الأمر الذي لا يحدث.
كيف يا ثرى يصرخ البوليساريو مخافة المجاعة في حين أن مختلف المواد الغذائية المتحصل عليها من الهيئات الإنسانية تباع للسكان حتى في تيندوف نفسها، على مرأى ومسمع من الجميع، بدل أن توزع بالمجان على السكان الصحراويين المحرومين من العودة إلي ديارهم الموجودين في مخيمات تيندوف ؟
هذه المواد المختلفة ومنها الدقيق، والزيت، والمعجنات، والأزر، والعدس، ومصبرات سمك التونة والسردين، والحليب المجفف، وكذا مختلف أنواع الأدوات المدرسية، التي تقدمها مختلف الهيئات الإنسانية الدولية يتم تصريفها يوميا في أسواق الزويرات (بموريتانيا) وحتى بتندوف .
أما في ما يتعلق بالمساعدات الجزائرية، ومنها البنزين والغازوال، وقطع الغيار، ومختلف الأدوات المدرسية، فهي تباع يوميا في تيندوف، وبشار، والزويرات في ظل نفس الظروف.
إن هذه المساعدات التي تحولها حفنة من قادة البوليساريو، والتي تنقل بواسطة شاحنات في ملكيتهم، تباع بأسعار السوق في مختلف نقط البيع في الشمال وعلى طول حدود موريتانيا، وذلك بشكل يومي على مرأى ومسمع من الجميع في الزويرات، وبير أم غرين، والشوم، وفي الجنوب الجزائري، وفي تيندوف وشمال مالي.
وقد عبرت المملكة المغربية بانتظام، أمام الهيئات التنفيذية التابعة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، عن إدانتها لتحويل المساعدات الإنسانية. وطالبت باستمرار من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التأكد من الوصول الفعلي لهذه المساعدات إلى وجهتها الحقيقية عبر بنيات استقبال ومراقبة وتوزيع ملائمة وذات مصداقية.
وقد تم تأكيد هذه الانشغالات بشهادات العديد من مسؤولي "البوليساريو" الذين التحقوا بالمغرب، الوطن الأم. هذه الشهادات تم تكريسها أيضا من طرف عدد من المنظمات غير الحكومية الدولية وخصوصا اللجنة الأمريكية من أجل اللاجئين والمهاجرين، ومؤسسة "فرانس ليبيرتي" والمركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن، حيث أثارت هذه المنظمات، وفي مناسبات عديدة، انتباه المجتمع الدولي إزاء ظاهرة تحويل المساعدات هذه، وآثارها على الوضعية الإنسانية للسكان المحرومين من العودة على ديارهم الموجودين في مخيمات تندوف.
وبالموازاة مع ذلك، قام مكتبا المراقبة التابعين للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي بمهمة رقابة مشتركة في مارس 2005، أكدت حدوث تحويل للمساعدات الإنسانية. وعلى إثر هذا التحقيق قررت الهيئتان بشكل مشترك، التقليص من الدعم الإنساني إلى 90 ألف شخص عوض 158 ألف شخص.
ومن جانبه قام المكتب الأوربي لمكافحة التزوير سنة 2003 بتحقيق حول الأخبار والتقارير المتداولة بشأن تحويل المساعدات الإنسانية وتحديد العدد الحقيقي للمستفيدين.
ولقد تم كذلك، فضح عمليات تحويل المساعدات من طرف بعض الصحف الجزائرية، التي اكتشفت في لحظة استفاقة ضمير حجم المأساة الإنسانية في مخيمات تيندوف.
ومن بين الشهادات على ذلك ما أوردته صحيفة "الشروق" ( بتاريخ 25/07/2005) التي كان اندهاشها كبيرا بعد أن اكتشفت أن المواد الموجهة لمخيمات تيندوف تباع في أسواق مدينة بشار (889 كلم جنوب شرق الجزائر).
فلماذا إذن، صراخ البوليساريو من خطر المجاعة، بينما يتأهب لينظم في 27 فبراير المقبل بتيفاريتي احتفالات ضخمة واستعراضا عسكريا مكلفا جدا، ممول بفضل المساعدات الدولية والذي لن يفيد سكان مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف في شيء، بل العكس هو الصحيح ؟
ويتضح بجلاء إذن، أن البوليساريو يُبقي على المخيمات لسبب بسيط يتمثل في كون هذه الأخيرة تشكل مصدرا يدر مداخيل من تجارة مزدهرة. وبالتالي فإن التزويد بالمساعدات يصبح مسألة سياسية وتجارية.
إن وجود المخيمات ما فتئ يستخدم كمبرر للاستغلال المساعدات الدولية. والحال، أنه بدون تلك المخيمات، فلن يكون للبوليساريو أي وجود.
ومن جهة أخرى، فإننا نطالب بفتح تحقيق دولي لمعرفة كيف تتم المتاجرة بجزء كبير من المساعدات الموجهة لمخيمات تندوف، في الأسواق الكبرى لموريتانيا والجزائر ومالي، ليحرم بذلك آلاف المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين من هذه المساعدات، وهم أحوج ما يكون إليها.
إن البوليساريو يهدف بالتالي، من خلال إنذاره الكاذب بخطر "المجاعة الوشيكة"، إلى الاستمرار في الاغتناء على حساب المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف، وإدامة وجود تلك المخيمات التي لا تخدم سوى المصالح الخاصة لقادة البوليساريو.
إننا نتساءل إذن، لماذا رفض البوليساريو والجزائر قيام الأمم المتحدة بتنظيم إحصاء عادل وواضح للمحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بتيندوف. والحال أن العدد المقدم وهو 158 ألف، لا يعكس بأي حال من الأحوال الحقيقة، وهو ما حدا بالأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان في تقريره الأخير حول الصحراء إلى تقليص العدد إلى 90 ألف، وهو رقم يبدو لنا غير دقيق ويفوق ما عليه الواقع، بكثير.
إن رفض الإحصاء من طرف البوليساريو والجزائر ليس سوى خديعة ومناورة صرفة من أجل إخفاء الحقيقة القائمة في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف ومواصلة الاستفادة من مساعدة غير مستحقة.
إننا نطالب بأن تتواصل هذه المساعدات دون انقطاع، شريطة أن تصل إلى الأشخاص الموجهة إليهم فعلا، أي إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف.
ومن أجل ضمان الاستفادة الفعلية للمحرومين من العودة على ديارهم من المساعدات، فإنه ينبغي أن توزع مباشرة من طرف برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وليس من طرف قادة البوليساريو الذين لا يعملون سوى على استغلال الوضعية المأساوية لهؤلاء المحرومين من العودة إلى ديارهم منذ أزيد من 30 سنة، و من الوسائل الأساسية لحياة كريمة.
إن هؤلاء القادة لا يبحثون سوى عن الاستفادة من تلك المساعدات بأكبر قدر ممكن، وإدامة سطوة جهازهم الأمني على هذه المخيمات. وبناء على ما سبق، فإننا ندعو المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والبرنامج الغذائي العالمي إلى التحكم في مجمل مسلسل تقديم المساعدات الإنسانية أي: النقل والتخزين ومفاتيح مستودعات التخزين، والحراسة، وتوزيع هذه المساعدات، مع الحرص على ألا يتدخل البوليساريو بأي حال من الأحوال في أي مرحلة من هذه العملية.
كما أننا نطالب هاتين المنظمتين بأن ترسلا مفتشين إلى الأماكن التي تباع فيها المساعدات عن طريق الغش، وبشكل يومي ومكثف، والقيام بإحصاء نزيه للأشخاص الذين ينبغي أن يستفيدوا من هذه المساعدات، ألا وهم سكان مخيمات تيندوف، وإجبار البوليساريو على تمكين المحرومين من العودة إلى ديارهم من الرجوع إلى ذويهم، وعدم استخدامهم كسلاح سياسي.
وقد علمنا من مصادر موثوق بها، بأن قادة البوليساريو، أصدروا أوامر لكافة أسر المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تندوف (خيمة بخيمة) ، خلال الزيارة الحالية للجنة المشتركة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي التي أرادت أن تتفقد الوضعية الغذائية بهذه المخيمات، بأن تقول (هذه الأسر) إنها تعاني من المجاعة ومن فقر مدقع.
كما طالب قادة البوليساريو من الشرطة الجزائرية بتندوف، العمل على إخفاء كافة البضائع و المنتوجات الغذائية الموجهة للمحرومين من العودة إلى ديارهم بالمخيمات والتي تتم إعادة بيعها وبشكل يومي للساكنة المحلية بتندوف. وقد أعطت الشرطة الجزائرية الأوامر للتجار بسحب هذه المنتوجات من السوق المحلية وخصوصا من سوق الجمعة بتندوف تحت تهديد التعرض لعقوبات صارمة.
وبحسب تصريحات سكان المخيمات، فإن قادة البوليساريو أفرغوا المخازن وأماكن حفظ البضائع والمواد الغذائية، وقاموا بنقلها بعيدا في الصحراء بهدف إخفائها قبل وصول هذه اللجنة، وإعطاء الانطباع بالتالي، بأن المخيمات تعيش وضعا مأساويا. كل ذلك بهدف تفادي أية محاولة للتخفيض من المساعدات التي تقدمها الهيئتان، وجعلها تتناسب مع العدد الحقيقي للمحرومين من العودة إلى ديارهم.
إن الزمن قد تغير، ويتعين علينا الآن، أن ننخرط على طريق الحكم الذاتي من أجل أن نمكن هؤلاء المواطنين الصحراويين من العيش بكرامة في ظروف لائقة، ومواصلة حياة طبيعية، دون التعرض للابتزاز من أي كان، والتمتع بشكل تام بكافة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ...
إن المناورة الأخيرة للبوليساريو لا يمكن تفسيرها سوى بأنها محاولة ميؤوس منها ترمي إلى تحويل الانتباه عن العمل الذي يبذل في شتى الاتجاهات والرامي إلى إيجاد حل للوضع من خلال حل سياسي نهائي لقضية الصحراء، يقوم بالأساس على مشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي يقترحه المغرب، استجابة لنداءات المجتمع الدولي.
وإننا نظل، رهن إشارتكم لمدكم بكل معلومة من شأنها المساعدة على كشف الحقيقة كاملة حول هذه القضية.
وتفضلوا بقبول عبارات احترامنا العميق.
توقيــع:
السيد خليهن ولد الرشيد
رئيس المجلس الملكي الاستشاري
للشؤون الصحراوية
الرباط في 30/01/07
من السيد خليهـن ولد الرشيـد
رئيس المجلس الملكي الاستشاري
للشؤون الصحراوية
إلــــــى
السيد جيمـس موريـس
المدير التنفيذي لبرنامج التغذية العالمي
الموضوع: توضيح حول مآل المساعدات الغذائية الموجهة إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين الموجودين في مخيمات تيندوف.
لقد أثارت انتباهنا الحملة الصاخبة، التي يقوم بها البوليساريو وبعض وسائل الإعلام الجزائرية حول الوضعية الإنسانية في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين الموجودين في تيندوف.
ويطيب لي أن أتوجه إلى سيادتكم، لأحيطكم علما بالتوضيحات التالية:
إن ناقوس الخطر الذي دقته جبهة البوليساريو حول الوضعية الإنسانية في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف، بالجزائر، من خلال ما يسمى "بالهلال الأحمر الصحراوي"، الذي هو في الواقع أداة من أدوات الدعاية لدى البوليساريو، وبعض وسائل الإعلام الجزائرية، ليس إلا إدعاء كاذبا من أجل الاستمرار في استغلال المساعدات الدولية التي لا تستفيد منها في الواقع إلا حفنة من قادة البوليساريو.
لقد أعلن البوليساريو لهذه الغاية، أن مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف مهددة ب"مجاعة وشيكة"، بسبب "استنفاد مخزون المواد الغذائية" مشيرا، من أجل تعزيز أطروحته الدعائية، إلى دراسة مزعومة حول الوضعية الغذائية تحذر "من حالة مأساوية في المخيمات".
وتزعم هذه الدراسة أن 66 في المائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و45 سنة، و62 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون من فقر الدم، وأن نسبة حالات سوء التغذية لدى الأطفال تبلغ 35 في المائة.
إن العديد من المراقبين ليتساءلون عن الأهداف غير المعلنة لحملة الدعاية هذه حول هذه "الوضعية الحرجة في المخيمات"، كما وصفتها وسائل الإعلام الجزائرية ونداءات الإغاثة التي أطلقها غير ما مرة ما يسمى ب"الهلال الأحمر الصحراوي".
منذ أزيد من 30 سنة، والبوليساريو يواصل استخدام سكان مخيمات تيندوف، كأداة للمقايضة وكأصل تجاري لا ينضب من أجل استدرار المساعدات التي يتم تحويلها باستمرار من طرف بعض قادة البوليساريو، وتصريفها في أسواق مختلفة.
إن هذه الحفنة من قادة البوليساريو التي تتمسك بهذه الممارسات، تغتني بشكل فاحش على حساب المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بتيندوف الذين يكابدون كل أنواع الآلام والانقسامات الأسرية.
وعلى حساب هؤلاء نطيل عمر إدارة متصلبة، وبالتالي نضمن استمرار وجود كيان غير ديمقراطي. ومن خلال أعمال من هذا القبيل، يسعى البوليساريو إلى تغليط المجتمع الدولي، في حين أن الجميع أضحى على وعي تام بكل هذه المناورات.
وفي الحقيقة، فإن المساعدات الدولية لم تتقلص، غير أن قادة البوليساريو هم الذين حولوا مخيمات تيندوف إلى محل تجاري كبير لصالحهم، يتاجرون فيه بكل أنواع البضائع التي يحصلون عليها بالمجان من الهيئات الإنسانية الدولية، مع أن هذه المساعدات يفترض أن توجه مبدئيا إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف، وهو الأمر الذي لا يحدث.
كيف يا ثرى يصرخ البوليساريو مخافة المجاعة في حين أن مختلف المواد الغذائية المتحصل عليها من الهيئات الإنسانية تباع للسكان حتى في تيندوف نفسها، على مرأى ومسمع من الجميع، بدل أن توزع بالمجان على السكان الصحراويين المحرومين من العودة إلي ديارهم الموجودين في مخيمات تيندوف ؟
هذه المواد المختلفة ومنها الدقيق، والزيت، والمعجنات، والأزر، والعدس، ومصبرات سمك التونة والسردين، والحليب المجفف، وكذا مختلف أنواع الأدوات المدرسية، التي تقدمها مختلف الهيئات الإنسانية الدولية يتم تصريفها يوميا في أسواق الزويرات (بموريتانيا) وحتى بتندوف .
أما في ما يتعلق بالمساعدات الجزائرية، ومنها البنزين والغازوال، وقطع الغيار، ومختلف الأدوات المدرسية، فهي تباع يوميا في تيندوف، وبشار، والزويرات في ظل نفس الظروف.
إن هذه المساعدات التي تحولها حفنة من قادة البوليساريو، والتي تنقل بواسطة شاحنات في ملكيتهم، تباع بأسعار السوق في مختلف نقط البيع في الشمال وعلى طول حدود موريتانيا، وذلك بشكل يومي على مرأى ومسمع من الجميع في الزويرات، وبير أم غرين، والشوم، وفي الجنوب الجزائري، وفي تيندوف وشمال مالي.
وقد عبرت المملكة المغربية بانتظام، أمام الهيئات التنفيذية التابعة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، عن إدانتها لتحويل المساعدات الإنسانية. وطالبت باستمرار من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التأكد من الوصول الفعلي لهذه المساعدات إلى وجهتها الحقيقية عبر بنيات استقبال ومراقبة وتوزيع ملائمة وذات مصداقية.
وقد تم تأكيد هذه الانشغالات بشهادات العديد من مسؤولي "البوليساريو" الذين التحقوا بالمغرب، الوطن الأم. هذه الشهادات تم تكريسها أيضا من طرف عدد من المنظمات غير الحكومية الدولية وخصوصا اللجنة الأمريكية من أجل اللاجئين والمهاجرين، ومؤسسة "فرانس ليبيرتي" والمركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن، حيث أثارت هذه المنظمات، وفي مناسبات عديدة، انتباه المجتمع الدولي إزاء ظاهرة تحويل المساعدات هذه، وآثارها على الوضعية الإنسانية للسكان المحرومين من العودة على ديارهم الموجودين في مخيمات تندوف.
وبالموازاة مع ذلك، قام مكتبا المراقبة التابعين للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي بمهمة رقابة مشتركة في مارس 2005، أكدت حدوث تحويل للمساعدات الإنسانية. وعلى إثر هذا التحقيق قررت الهيئتان بشكل مشترك، التقليص من الدعم الإنساني إلى 90 ألف شخص عوض 158 ألف شخص.
ومن جانبه قام المكتب الأوربي لمكافحة التزوير سنة 2003 بتحقيق حول الأخبار والتقارير المتداولة بشأن تحويل المساعدات الإنسانية وتحديد العدد الحقيقي للمستفيدين. ولقد تم كذلك، فضح عمليات تحويل المساعدات من طرف بعض الصحف الجزائرية، التي اكتشفت في لحظة استفاقة ضمير حجم المأساة الإنسانية في مخيمات تيندوف.
ومن بين الشهادات على ذلك ما أوردته صحيفة "الشروق" ( بتاريخ 25/07/2005) التي كان اندهاشها كبيرا بعد أن اكتشفت أن المواد الموجهة لمخيمات تيندوف تباع في أسواق مدينة بشار (889 كلم جنوب شرق الجزائر).
فلماذا إذن، صراخ البوليساريو من خطر المجاعة، بينما يتأهب لينظم في 27 فبراير المقبل بتيفاريتي احتفالات ضخمة واستعراضا عسكريا مكلفا جدا، ممول بفضل المساعدات الدولية والذي لن يفيد سكان مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف في شيء، بل العكس هو الصحيح ؟
ويتضح بجلاء إذن، أن البوليساريو يُبقي على المخيمات لسبب بسيط يتمثل في كون هذه الأخيرة تشكل مصدرا يدر مداخيل من تجارة مزدهرة. وبالتالي فإن التزويد بالمساعدات يصبح مسألة سياسية وتجارية.
إن وجود المخيمات ما فتئ يستخدم كمبرر للاستغلال المساعدات الدولية. والحال، أنه بدون تلك المخيمات، فلن يكون للبوليساريو أي وجود.
ومن جهة أخرى، فإننا نطالب بفتح تحقيق دولي لمعرفة كيف تتم المتاجرة بجزء كبير من المساعدات الموجهة لمخيمات تندوف، في الأسواق الكبرى لموريتانيا والجزائر ومالي، ليحرم بذلك آلاف المحرومين من العودة إلى ديارهم الصحراويين من هذه المساعدات، وهم أحوج ما يكون إليها.
إن البوليساريو يهدف بالتالي، من خلال إنذاره الكاذب بخطر "المجاعة الوشيكة"، إلى الاستمرار في الاغتناء على حساب المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف، وإدامة وجود تلك المخيمات التي لا تخدم سوى المصالح الخاصة لقادة البوليساريو.
إننا نتساءل إذن، لماذا رفض البوليساريو والجزائر قيام الأمم المتحدة بتنظيم إحصاء عادل وواضح للمحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بتيندوف. والحال أن العدد المقدم وهو 158 ألف، لا يعكس بأي حال من الأحوال الحقيقة، وهو ما حدا بالأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان في تقريره الأخير حول الصحراء إلى تقليص العدد إلى 90 ألف، وهو رقم يبدو لنا غير دقيق ويفوق ما عليه الواقع، بكثير.
إن رفض الإحصاء من طرف البوليساريو والجزائر ليس سوى خديعة ومناورة صرفة من أجل إخفاء الحقيقة القائمة في مخيمات المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين في تيندوف ومواصلة الاستفادة من مساعدة غير مستحقة.
إننا نطالب بأن تتواصل هذه المساعدات دون انقطاع، شريطة أن تصل إلى الأشخاص الموجهة إليهم فعلا، أي إلى المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تيندوف.
ومن أجل ضمان الاستفادة الفعلية للمحرومين من العودة على ديارهم من المساعدات، فإنه ينبغي أن توزع مباشرة من طرف برنامج الأغذية العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وليس من طرف قادة البوليساريو الذين لا يعملون سوى على استغلال الوضعية المأساوية لهؤلاء المحرومين من العودة إلى ديارهم منذ أزيد من 30 سنة، و من الوسائل الأساسية لحياة كريمة.
إن هؤلاء القادة لا يبحثون سوى عن الاستفادة من تلك المساعدات بأكبر قدر ممكن، وإدامة سطوة جهازهم الأمني على هذه المخيمات.
وبناء على ما سبق، فإننا ندعو المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والبرنامج الغذائي العالمي إلى التحكم في مجمل مسلسل تقديم المساعدات الإنسانية أي: النقل والتخزين ومفاتيح مستودعات التخزين، والحراسة، وتوزيع هذه المساعدات، مع الحرص على ألا يتدخل البوليساريو بأي حال من الأحوال في أي مرحلة من هذه العملية.
كما أننا نطالب هاتين المنظمتين بأن ترسلا مفتشين إلى الأماكن التي تباع فيها المساعدات عن طريق الغش، وبشكل يومي ومكثف، والقيام بإحصاء نزيه للأشخاص الذين ينبغي أن يستفيدوا من هذه المساعدات، ألا وهم سكان مخيمات تيندوف، وإجبار البوليساريو على تمكين المحرومين من العودة إلى ديارهم من الرجوع إلى ذويهم، وعدم استخدامهم كسلاح سياسي.
وقد علمنا من مصادر موثوق بها، بأن قادة البوليساريو، أصدروا أوامر لكافة أسر المحرومين من العودة إلى ديارهم الموجودين بمخيمات تندوف (خيمة بخيمة) ، خلال الزيارة الحالية للجنة المشتركة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي التي أرادت أن تتفقد الوضعية الغذائية بهذه المخيمات، بأن تقول (هذه الأسر) إنها تعاني من المجاعة ومن فقر مدقع.
كما طالب قادة البوليساريو من الشرطة الجزائرية بتندوف، العمل على إخفاء كافة البضائع و المنتوجات الغذائية الموجهة للمحرومين من العودة إلى ديارهم بالمخيمات والتي تتم إعادة بيعها وبشكل يومي للساكنة المحلية بتندوف. وقد أعطت الشرطة الجزائرية الأوامر للتجار بسحب هذه المنتوجات من السوق المحلية وخصوصا من سوق الجمعة بتندوف تحت تهديد التعرض لعقوبات صارمة.
وبحسب تصريحات سكان المخيمات، فإن قادة البوليساريو أفرغوا المخازن وأماكن حفظ البضائع والمواد الغذائية، وقاموا بنقلها بعيدا في الصحراء بهدف إخفائها قبل وصول هذه اللجنة، وإعطاء الانطباع بالتالي، بأن المخيمات تعيش وضعا مأساويا. كل ذلك بهدف تفادي أية محاولة للتخفيض من المساعدات التي تقدمها الهيئتان، وجعلها تتناسب مع العدد الحقيقي للمحرومين من العودة إلى ديارهم.
إن الزمن قد تغير، ويتعين علينا الآن، أن ننخرط على طريق الحكم الذاتي من أجل أن نمكن هؤلاء المواطنين الصحراويين من العيش بكرامة في ظروف لائقة، ومواصلة حياة طبيعية، دون التعرض للابتزاز من أي كان، والتمتع بشكل تام بكافة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ...
إن المناورة الأخيرة للبوليساريو لا يمكن تفسيرها سوى بأنها محاولة ميؤوس منها ترمي إلى تحويل الانتباه عن العمل الذي يبذل في شتى الاتجاهات والرامي إلى إيجاد حل للوضع من خلال حل سياسي نهائي لقضية الصحراء، يقوم بالأساس على مشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، الذي يقترحه المغرب، استجابة لنداءات المجتمع الدولي.
وإننا نظل، رهن إشارتكم لمدكم بكل معلومة من شأنها المساعدة على كشف الحقيقة كاملة حول هذه القضية.
وتفضلوا بقبول عبارات احترامنا العميق.
توقيــع:
السيد خليهن ولد الرشيد
رئيس المجلس الملكي الاستشاري
للشؤون الصحراوية
نص الرسالة التي توصل بها المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية
من السيدة نايلة صابر، المديرة الجهوية المكلفة بالبرنامج العالمي للتغدية
بمنطقة الشرق الأوسط واسيا وأوروبا الشرقية
القاهرة 12 فبراير 2007
السيد خليهن ولد الرشيد
رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية
السيد الرئيس،
نشكركم على الرسالة التي بعثتموها إلينا بتاريخ 30 يناير2007، والمتعلقة بالوضعية الإنسانية لسكان مخيمات تندوف.
إن برنامج الغذاء العالمي يتابع عن كثب مختلف التطورات المرتبطة بالصحراء الغربية، وضمنها العمل الهام الذي يقوم به المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في ظل رئاستكم.
ومع كل ذلك، يبذل برنامج الغذاء العالمي قصارى جهده للحفاظ على حياديته وموضوعيته وهو يقوم بتقديم المساعدة للأشخاص الأكثر فقرا وضعفا في مخيمات تندوف.
ويعمل البرنامج على الحفاظ على الحياد وعدم التحيز، ويركز أساسا على الجانب الإنساني من مهمتنا. وفي الوقت الذي نعمل فيه على إيجاد وسيلة لتحديد الأشخاص الأكثر هشاشة وحاجة إلى المساعدة في تندوف باستخدام عدة طرق لقياس مواطن الهشاشة، تشير أفضل التقديرات اليوم حول عدد الأشخاص الذين يحتاجون المساعدة في هذه المخيمات إلى 90،000 شخص. وهناك 35،000 شخص يحصلون على المساعدة حاجة إلى المساعدة، لأن حياتهم قد تأثرت عقب هطول الأمطار الغزيرة في فبراير 2006. لذلك ، قدرتنا على تحميل المساعدات انخفضت بنسبة تزيد على 21 ٪.
إن المهمة الأخيرة التي أجريت بالاشتراك ما بين برنامج الغذاء العالمي ومكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أنهت زيارتها للمخيمات يوم 4 فبراير. ونتوقع تلقي النتائج والتوصيات في الأسابيع المقبلة ليتم إرسالها إلى جميع الأطراف المعنية. لقد ركزت البعثة على تطوير المراقبة وتحسين إدارة وتوزيع المساعدات في المخيمات.
وكما أشرتم في رسالتكم ، فإن المواد الغذائية كانت تشرف عليها في السابق، عند وصولها إلى الجزائر، هيئات صحراوية وجزائرية والصليب الأحمر. ويركز برنامج الغذاء العالمي في المقام الأول على توزيع المساعدات والحصول عليها. ويعمل البرنامج في جميع أنحاء العالم مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية لتنفيذ مشاريعه وتخفيض التكاليف، من خلال تعزيز قدرة هؤلاء الشركاء.
إشاراتك إلى تحويل المواد الغذائية مقلقة، وبرنامج الغذاء العالمي سيثير هذه المسألة مع الأطراف المعنية.
إن نتائج أحدث دراسة غذائية أجريت في عام 2005 من قبل منظمتين تابعتين للأمم المتحدة تبين أن 39 ٪ من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، في حين أن اثنين من بين كل ثلاث نساء أمهات يعانين فقر الدم. ليس لدينا أي شك في أن سكان المخيمات يحتاجون إلى مساعدتنا، ولكن في نفس الوقت، لا يوجد أي أساس لحدوث مجاعة في المخيمات بسبب عدم انتظام في توافر المساعدات الغذائية.
أنا أتفق معكم تماما بأنه يجب علينا الحفاظ على" المساعدات الموجهة للمخيمات شريطة أن تصل الى مستحقيها الحقيقيين. برنامج الأغذية العالمي"، إن برنامج الغذاء العالمي، بمساعدة المنظمات الدولية والمحلية، سوف يواصل العمل بجد لتقديم المساعدة للسكان الأكثر احتياجا في المخيمات، وضمان وصول المساعدات الى مستحقيها الحقيقيين.
أرجو أن تقبلوا ، سيدي الرئيس ، فائق تقديري واحترامي.
نائلة صبرا
المديرة الإقليمية
الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية