Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الجمعة 17 ماي 2024
في الأولى

 أكد السيد شكيب بنموسى وزير الداخلية أن المغرب يرفض أي محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع، أو المساس بالوحدة الترابية للمملكة داخل دائرة حدودها الحقة، وسيادتها غير القابلة للمساومة أو التنازل أو أدنى تفريط



وقال السيد بنموسى، في كلمة باسم الوفد المغربي يوم الثلاثاء بمنهاست ( نيويورك) في افتتاح جلسة الجولة الثالثة من المفاوضات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة، أن" المغرب قد تصدى عبر التاريخ لكل محاولات النيل من وحدته الترابية، ولن يقبل أبدا بأي أمر واقع بهذا الخصوص، لا اليوم ولا غدا، صيانة لسيادته ولوحدته الوطنية والترابية، وتحصينا للمنطقة برمتها من مخاطر البلقنة التي لن تبقي ولن تذر، وسيكون مدبروها أول المكتوين بنارها"
 
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة السيد شكيب ينموسى:

 " الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله سعادة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، حضرات السادة، تشارك المملكة المغربية في هذه الجولة الثالثة، بنفس روح الثقة والأمل وحسن النية، والإرادة الحازمة في التفاوض الجاد، التي طبعت مشاركتها في الجولتين السابقتين من مفاوضات مانهاست


والمغرب بذلك، إنما يؤكد من جديد، التزامه المبدئي، وتجاوبه الصادق مع مقررات مجلس الأمن، واستجابته للدعوة الكريمة للأمين العام للأمم المتحدة، معالي السيد بان كي مون، وللمساعي الحميدة لمبعوثه الشخصي، السيد بيتر فان فالسوم.

لقد أقدم المغرب بحكمة وشجاعة، وتجاوبا مع التوجه الأممي الجديد، على القيام بالمبادرة الأساسية الجريئة والحاسمة، المتمثلة في بلورة اقتراح متجدد وخلاق، اقتراح واعد للتفاوض بشأن الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء المغربية، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية غير القابلة للتصرف.

وإن المملكة المغربية بعد أخذها لزمام مبادرة الحكم الذاتي، لتنتظر من إخواننا الماثلين أمامنا، وكذا من بلدان الجوار المعنية حقيقة، التي دعاها مجلس الأمن إلى إبداء تعاونها، أن تعمل على المساهمة في خلق الأجواء الكفيلة بإنجاح التفاوض.
كما أن المغرب، بل والعالم أجمع، ليتطلع إلى أن تتحرك الأطراف الأخرى بدورها، وتنخرط في تعزيز الدينامية المحركة التي أطلقها المغرب.

 وهذا ما يفرض النهوض بدور القوة الاقتراحية البناءة، في المسار التفاوضي الجاد، الهادف لإيجاد حل سياسي، واقعي ونهائي، مقبول لقضية الصحراء. سبيلنا الجماعي إلى ذلك، الحكم الذاتي باعتباره النمط الأنجع والأنسب لتمارس كافة قبائل وسكان الصحراء ، حيثما كانوا ، من جديد تقرير مصيرهم، طبقا للمواثيق الدولية، وذلك بعد أن تأكد لمجلس الأمن والمنتظم الأممي أن الحلول التجريدية المطروحة من قبل، كانت عقيمة وغير قابلة للتطبيق، ولا تراعي خصوصيات المنطقة والنزاع

ولقد كان مجلس الأمن، على اختلاف مكوناته، على صواب عندما أشاد في قراره 1754 بالتطورات الحاصلة لبلورة حل سياسي عادل ودائم، وكذا وصفه المجهودات المبذولة من قبل بلادنا، دون غيرها، بالجدية والمصداقية.

هذا ما يلزمنا في مفاوضاتنا، مهما كان مخاضها، بأن نجعل من هذه المبادرة، كل من جهته، وسويا ومعا، وليس من جانب المغرب لوحده، منطلقا ومنتهى لهذا المسار التفاوضي الذي أطلقه ويرعاه المنتظم الدولي. وبذلك، فإن انطلاق مسلسل المفاوضات الذي نحن بصدد جولته الثالثة يرجع الفضل فيه إلى المملكة المغربية.

و لقد عزز مجلس الأمن هذا التوجه في قراره الموالي رقم 1783، داعيا الأطراف إلى أن تستحضر في المفاوضات، الجهود المبذولة منذ سنة2006 ، في إشارة صريحة إلى المراحل التي اجتازها المقترح المغربي منذ بلورته إلى غاية تقديمه إلى المنتظم الدولي.

كما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة توجها جديدا بتوضيح مرجعيتها بخصوص مبدإ تقرير المصير المتعلق بهذا النزاع، واصطفافها التام مع المقاربة الجديدة لمجلس الأمن.

وارتباطا بكل هذا، واصل المغرب مساره الديمقراطي والتنموي، ونكتفي في هذا الإطار بذكر ما أنجزته المملكة من تعزيز لمسلسلها الديمقراطي الواعد، بإجراء انتخابات تشريعية، أجمع الملاحظون الدوليون على مصداقيتها ونزاهتها، فضلا عن وضع آليات محلية وجهوية لاحترام حقوق الإنسان، وتوسيع ممارسة الحريات، في نطاق سيادة القانون.

وبموازاة ذلك، ضاعف المغرب المجهود التنموي الدؤوب والفعلي والملموس بأقاليمه العزيزة بالساقية الحمراء ووادي الذهب، جاعلا من كل صحرائه ورشا شاملا للبناء والنماء، وكل ذلك في إطار خطة تنموية محكمة ومندمجة، هادفة إلى ضمان العيش الكريم لفائدة كافة ساكنة الصحراء.
ولن يكترث المغرب بالمغالطات والاستفزازات والدسائس المعمقة لمعاناة السكان، والمنافية لمناخ التفاوض، بل سيضاعف مجهود التضامن الوطني الذي بدأه منذ ثلث قرن، للتنمية الشاملة لكل شبر من أقاليمه الصحراوية، إلى أبعد نقطة في حدودها، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، من غير تفريط في أدنى حبة رمل من صحرائه، وفي دائرة الحدود الحقة للمملكة.

السيـد ممثـل الأميـن العـام للأمـم المتحـدة، حضـرات السـادة، إن المغرب يشارك، عن حسن نية، في هذه الجولة من المفاوضات، بيد ممدودة، وإرادة في تغليب منطق الحوار والتفاهم، بغية تحقيق المصالحة بين الأشقاء وأبناء العمومة، ووضع حد لمعاناة إخواننا الذين يعيشون في مخيمات تندوف، جنوب الجزائر، وذلك بالحوار الملتزم، والروح الحضارية البناءة.

وفي المقابل، فإنه يسجل ببالغ الأسف، أن الطرف الآخر مازال متماديا في موقفه المتطرف والجامد، ومتمسكا بطروحات فاشلة وعقيمة، أقر المنتظم الدولي بعدم قابليتها للتطبيق، ويتم عبثا وبتعنت محاولة بعث الروح فيها، لمجرد عرقلة الوصول إلى حل سياسي أكثر واقعية، بل ما يزال يلوح بخيار الحرب، والتهديد الرخيص والمرفوض باللجوء إلى المواجهة المسلحة.

وكيفما كان الحال، فإن المغرب المتواجد على أرضه، الواثق من حقوقه، الملتزم بالشرعية الدولية، وبالتسوية السياسية على أساس الحكم الذاتي، يرفض مثل هذه المواقف الجامدة، ويعتبرها نوعا من الهروب إلى الأمام.

وبهذه المناسبة، نجدد دعوتنا للمنتظم الدولي لوضع حد لهذا التوجه الذي يتناقض مع مبدإ المفاوضات، ويعاكس الإرادة الأممية في ضرورة خلق الظروف الملائمة لإجراءات الثقة اللازمة لكل تفاوض جاد.

ومن حقنا، بل ومن واجب المجتمع الدولي، التساؤل عن مدى وجود إرادة حقيقية لدى أطراف تهدد بإشعال فتيل الحرب. وكل ما هنالك، أنها قد تشجع المخططات الرهيبة الهادفة لجعل منطقتنا قاعدة للإرهاب والهجرة غير الشرعية، والتهريب والاتجار المحرم في البشر والسلاح، وهو الأمر الذي ستكون له عواقب وخيمة، لن ينجو منها بلد من البلدان المغاربية الخمس، التي هي أحوج ما تكون إلى التنمية المستدامة، وتنسيق جهودها لضمان الأمن والاستقرار وبناء الديمقراطية، تحصينا لشعوبنا من الإرهاب، بل لمنطقة الساحل والصحراء وشمال افريقيا وغرب أوربا.

لذلك نتوجه إلى المتحكمين منذ عقود في رقاب إخواننا بتندوف، داعين إياهم لتحكيم منطق العقل، وعدم إخلاف هذا الموعد المتاح مع التاريخ. فتحقيق مبتغاهم الأصلي بالإسهام في التدبير الحر لشؤونهم الجهوية، في ظل الديمقراطية الواسعة، يكفله مشروع الحكم الذاتي، في نطاق مغرب جديد، ديمقراطي وموحد، ومتقدم وقوي.

كما ندعوهم لاستخلاص الدروس من التجاوب المتزايد لإخواننا المغاربة الصحراويين المغتربين، حيثما كانوا، مع مبادرة الحكم الذاتي التي تكفل لهم كل شروط المواطنة الكاملة والعزة ولم شمل العائلات. ونغتنم هذه المناسبة، للإعراب عن اعتزازنا بهذا التجاوب الواعي، المقوي للإجماع الوطني والدعم الدولي الواسع للمبادرة المغربية.

وبنفس الروح الصادقة، نتوجه إلى الشقيقة الجزائر التي هي أدرى بهذا النزاع وظروفه وخلفياته المفتعلة، لنعرب لها عما ننتظره منها، من الانخراط الإيجابي في مسلسل التفاوض السياسي في هذه الفرصة التاريخية التي يجب أن نرتقي فيها جميعا لمستوى تطلعات شعوبنا الشقيقة، إلى بناء اتحاد مغاربي واعد بالتقدم والازدهار، وفي مستوى انتظارات المنتظم الدولي، لإيجاد حل توافقي ديمقراطي لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده

وفي هذا السياق، نؤكد بصراحة أخوية، على شجبنا ونبذنا أي محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع، أو المساس بالوحدة الترابية للمملكة داخل دائرة حدودها الحقة، وسيادتها غير القابلة للمساومة أو التنازل أو أدنى تفريط. فقد تصدى المغرب عبر التاريخ لكل محاولات النيل من وحدته الترابية، ولن يقبل أبدا بأي أمر واقع بهذا الخصوص، لا اليوم ولا غدا، صيانة لسيادته ولوحدته الوطنية و الترابية، وتحصينا للمنطقة برمتها من مخاطر البلقنة التي لن تبقي ولن تذر، وسيكون مدبروها أول المكتوين بنارها.

كما نتوجه إلى الشقيقة موريتانيا لننوه بحضورها في هذه الجولات التفاوضية، وبالدور الذي تلعبه للحصول على حل سياسي توافقي، يضمن الأمن والاستقرار بالمنطقة، ويعمل على تسخير قيادتها الأخوية لطاقات شعبها الأصيل، لتوفير مناخ التنمية المستدامة. وإن لها من الحكمة ما يجعل من حضورها قيمة مضافة، تدعم روح التضامن والإخاء المغاربي، وتساهم في كسب رهان هذه الفرصة التاريخية.

السيد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، حضرات السادة، تتطلع أنظار المنطقة والعالم، إلى أن تشكل هذه الجولة الثالثة، بعون الله، وبحسن إرادتنا جميعا، تحولا للدخول في عمق التفاوض حول تفاصيل وأجندة الحل السياسي التوافقي النهائي، وفق جدولة مضبوطة، وأفق واضح ومتفق عليه.

وإن المغرب على استعداد لبسط مبادرته، ومناقشة تفاصيلها، موضوعاتيا، بما يبرهن على أن الحكم الذاتي القائم على هيآت تشريعية وتنفيذية وقضائية، تمثيلية وديمقراطية، في نطاق سيادة المملكة ووحدتها الوطنية وحوزتها الترابية، هو السبيل القويم للحل المنشود.

كما أن المغرب يعتبر أن نجاح المفاوضات على أساس مبادرة الحكم الذاتي يعد انتصارا لكل الشعوب المغاربية الشقيقة، التواقة للوحدة والتكامل والاندماج، بل إننا نريده انتصارا للقيم الإنسانية المثلى للسلام والأمن والاستقرار، والديمقراطية والكرامة، وحقوق الإنسان، والتنمية والتقدم والازدهار، والتسوية السلمية للمنازعات. وبهذا المعنى، فإنه انتصار للمبادئ السامية والكونية للأمم المتحدة، التي نلتئم في نطاقها، كما أنه بمثابة فوز لمنطق التاريخ، وحتمية المصير المشترك.
إن المغرب سيمضي في طريقه السلمي، الوحدوي والتنموي، بفضل تعبئة شعبه وكل قواه الحية، لما فيه خير قبائل صحرائنا وساكنتها، وشعبنا الصامد، وكافة الشعوب الشقيقة والصديقة.

وفي الختام، أود التعبير عن تشكرات المملكة المغربية لكل من الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، والأمين العام المساعد للشؤون السياسية، السيد لين باسكو، والمبعوث الشخصي إلى الصحراء، السيد بيتر فان فالسوم، وإلى مساعديهم الأقربين والأجهزة التابعة للأمم المتحدة، وكذا لكل الدول الشقيقة والصديقة التي ما فتئت تدعم جهود التفاوض والتصالح لإخراج قضية الصحراء من حالة الجمود.

إن المبادرة المغربية للتفاوض حول نظام حكم ذاتي لمنطقة الصحراء، تعتبر الحل الواقعي والمنصف الذي يستجيب لتطلعات أجيالنا الحاضرة والمستقبلية، تلكم التطلعات الهادفة إلى تسخير وتوحيد كل الطاقات، للإسهام وطنيا وجهويا ودوليا، في بناء الديمقراطية، وترسيخ حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية، وإنجاز الاندماج، وتوطيد الأمن والاستقرار. هذا الحل النهائي الذي من شأنه جعل منطقتنا واحة للتعايش بين شعوبها الشقيقة، والحفاظ على أخوتها الدائمة، مهما تغيرت الظرفيات، أوفياء في ذلك لتاريخنا المشترك، الذي لا ينسى ولا يرحم، ويحتفظ في سجله الذهبي بالفاعلين فيه، من صناع السلام والوحدة والوئام.

وذلكم هو التوجه الراسخ للمملكة المغربية، الذي ندعو إخوتنا إلى مشاركتنا في صنعه، بالتواصي بالحق والصبر والشجاعة، وتغليب أواصر الأخوة والسكينة، ونبذ التفرقة والفتنة والضغينة، والتوتر والتجافي. وما ذلك على أخوتنا بعزيز، متى صدقت النوايا، وحسنت الإرادات.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".

المصدر: و م ع
( خبر يهم ملف الصحراء الغربية)

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024