Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الإثنين 29 أبريل 2024
في الأولى

السيد خليهن: أمينتو حيدر هي المسؤولة الوحيدة عن وضعيتها

نشرت صحيفة "لاغثيتا" (La Gaceta)  الإسبانية يوم الأحد الماضي حوارا شاملا مع السيد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية حول قضية الانفصالية أمينتو حيدر ومصير المفاوضات حول ملف الصحراء، ومستقبل المنطقة وجبهة البوليساريو في ظل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وعبر السيد خليهن في هذا الحوار الذي أجري معه بالرباط عن تشاؤمه إزاء السير الحالي للمفاوضات بسبب الغموض الجزائري، وعدم التوصل بعد إلى العثور على شريك في هذا البلد يشجع على الحوار.



في ما يلي نص الحوار كاملا:

لاغثيتا: أكثر من ثلاثة أسابيع على قيام أمينتو حيدر بإضراب عن الطعام في مطار لانثاروتي لمطالبة المغرب بإعادة جواز سفرها والعودة إلى أسرتها في  مدينة العيون، كيف تقيمون احتجاجات ومطالب الناشطة الصحراوية؟

السيد خليهن ولد الرشيد: السيدة أمينتو حيدر هي من وضعت نفسها طواعية في هذه الحالة المؤسفة التي يمكن كان بالإمكان تفاديها تماما. لقد كانت تتمتع بحياتها بحرية في العيون، تسافر إلى الخارج وتعود، من دون أن يزعجها أحد أو أن يتدخل في عملها كمدافعة عن حقوق الإنسان. وبالتالي فاجأتنا هذه الأحداث، ولاسيما تسييس وضعيتها، مع أنها هي التي اختارت وضعيتها تلك، وهي التي افتعلتها، وبدعم من جبهة البوليساريو والجزائر، التي أسميها "جبهة البوليساريو مكرر"، والجمعيات الاسبانية التي تدعم المنظمة الانفصالية وتعد أكثر تطرفا بكثير من جبهة البوليساريو نفسها.

لاغثيتا: إلى ماذا يعود تسييس حالة أمينتو حيدر الذي أشرتم إليه؟

السيد خليهن ولد الرشيد: إنه يعود إلى رغبة جبهة البوليساريو، مدعومة من الجزائر، في تغيير منحى المفاوضات المباشرة مع المغرب باستخدام ورقة أميناتو حيدار. البوليساريو تسعى إلى التهرب من مسؤولياتها في المفاوضات الجارية تحت إشراف الأمم المتحدة. إضراب أمينتو حيدر عن الطعام هو احتيال سياسي وخدعة واضحة للرأي العام الاسباني والدولي، سعيا وراء إعادة الأمور إلى الوراء، في الوقت الذي قمنا فيه بتحقيق تقدم ملموس في المفاوضات، من شأنه أن يسهم في استكمالها وإثمارها. الاستنتاجات التي توصل إليها المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة، بيتر فان والسوم، لم تعجب بتاتا البوليساريو، خاصة أنه قال لكي يتم التوصل إلى حل، يجب أن تتخلى الجبهة عن مطلب الاستقلال. وهذه الخلاصات أربكتهم تماما، ولهذا قرروا الآن  توجيه الملف نحو حقوق الإنسان لتجنب التفاوض. وكالمعتاد، يريدون خداع الرأي العام الدولي، ولذلك، فإن ما يحدث لأمينتو حيدر هو، بكل بساطة، محض احتيال سياسي.

لاغثيتا: بوصولنا إلى هذه النقطة، وبعد كل ما قيل، بما فيه التكهنات المطروحة، لاسيما في اسبانيا، على ماذا تعتمد عودة أمينتو حيدار إلى العيون؟

السيد خليهن ولد الرشيد: الأمر يعتمد عليها، وفقط عليها. حتى هذا التاريخ كانت أمينتو حيدر دائما تسافر بجواز سفر مغربي يحمل جنسيتها، وهو وثيقة قدمت من خلالها العديد من طلبات التأشيرة أتاحت لها السفر في جميع أنحاء العالم. لقد كانت دائما مغربية، وبالتالي لا نعرف لماذا تريد الآن إنكار ذلك. بالإضافة إلى هذا، فإنها لم تنتم أبدا إلى الصحراء، المستعمرة الاسبانية السابقة، بما أنها ليست من السكان الأصليين للعيون، بل طان طان، وهي بلدة صحراوية نعم، ولكن ليست جزءا من الأراضي المتنازع حولها، والتي كانت على الدوام أراض مغربية . إنها هي وحدها المسؤولة عن وضع نفسها في هذه الحالة المؤسفة،  وأي بلد يوضع أمام هذا الموقف، وبامتثال صارم للشرعية، لا يمكن أن يقبل به. بيدها هي العودة إلى عائلتها. ومنذ اللحظة التي تعترف فيها بجنسيتها المغربية، يمكنها العودة إلى العيون، ودون أية مشكلة.

لاغثيتا: عقب احتجاجات أميناتو حيدر في اسبانيا، بدأ الحديث عن عدم استقرار مزعوم في الصحراء الغربية، وهي منطقة يقال عنها إن الدولة المغربية لا تحترم فيها الحد الأدنى لحقوق الإنسان بالنسبة لسكانها. ما هي الوضعية الحالية في الأراضي الصحراوية؟

السيد خليهن ولد الرشيد: الحالة طبيعية تماما. لم يسبق أن كانت الصحراء تعيش هادئة ومستقرة كما عاشته في السنوات الأربع الماضية، وبالتحديد منذ فهم الناس قيمة ونطاق مشروع الحكم الذاتي الذي يريد الملك محمد السادس منحه لهذه المنطقة. ومنذ ذلك الحين، لم نعش مثل هذا السلام والاستقرار. حتى أولئك الذين يعيشون في مخيمات جبهة البوليساريو والصحراويون العاملون في اسبانيا أو في موريتانيا، فهموا أنه من الأفضل تطبيق الحكم الذاتي. الوضع مستقر لأجل هذا التفاؤل الذي يعيشه الصحراويون في انتظار تحقيق هذا المشروع التاريخي، وهو أمل يتقاسمه الصحراويون، ولن تستطيع، لا أمينتو حيدر، ولا غيرها من أمثالها، تغييره.

لاغثيتا: على الرغم من أن الفكرة الشائعة على نطاق واسع في اسبانيا، عن كون المجتمع الصحراوي هو مجتمع تعددي، مع تباينات واتجاهات كثيرة في داخله. ما رأيكم في وزن حركة الاستقلال في الوقت الراهن في الصحراء؟

السيد خليهن ولد الرشيد: الحركة الاستقلالية لها وزن ضئيل اليوم بين الصحراويين. لا ننس أن هناك عنصرا يحول دون إجراء تحليل سليم للوضع، وهو أن جبهة البوليساريو حركة سياسية عسكرية تسيطر عسكريا على الصحراويين الذين يعيشون في المخيمات، الأمر الذي لا يتيح لهم تحديد قيمة الأشياء في منظورها الصحيح. داخل الأراضي الصحراوية، أهمية الاستقلال محدودة جدا. أناس مثل أمينتو حيدر وغيرهم من الذين يدافعون عن أطروحة البوليساريو هم أقلية، أود أن أقول إنه ليس هناك سوى بضع مئات من الأشخاص. الصحراويون خبروا الحرب وجميع أنواع السياسات، دون جدوى. الاستفتاء لم يستطع أن يكتمل أبدا، لأنه مستحيل، وما يريده الصحراويون هو العيش بهدوء مثل معظم الناس. الحكم الذاتي هو أفضل علاج لهذه الوضعية، وهو المشروع الذي يجلب الأمل والتفاؤل، وتتمسك به الغالبية المطلقة للصحراويين، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المخيمات، ويعتبرون الحكم الذاتي الحل الأمثل.

لاغثيتا: أنتم قلتم إن الاستفتاء حول تقرير المصير، وهو الطريقة الوحيدة التي تعترف بها جبهة البوليساريو، أمر مستحيل. على ماذا يستند مثل هذا اليقين؟

السيد خليهن ولد الرشيد: ليس ممكنا، لأن الحدود القائمة اليوم لا تتطابق مع تلك الخاصة بالسكان الصحراويين. الاستعمار أدى إلى تغيير الحدود الطبيعية لسكاننا، والمقسمة بين إسبانيا التي كانت تسيطر على جزء، وهو الصحراء الغربية، وفرنسا، التي كانت تسيطر على أربعة أجزاء أخرى،   أحدها في المغرب والباقي في الجزائر ومالي وموريتانيا. وهذا ما جعل الأراضي التاريخية للقبائل الصحراوية ال34 تقسم على أربعة بلدان، الأمر الذي يتطلب، لكي يكون استفتاء تقرير المصير نزيها وحرا وديمقراطيا وعادلا، تغيير تلك الحدود، حتى يتسنى لجميع الصحراويين التعبير عن إرادتهم. وكما يمكن أن تفهم، فإن هذا أمر مستحيل، ويتعارض مع ميثاق الاتحاد الأفريقي، وغير مقبول من قبل أي من البلدان المعنية. الأمم المتحدة نفسها توصلت إلى استنتاج أن إجراء هذا الاستفتاء غير ممكن تقنيا وسياسيا. إذا لم يكن بالإمكان القيام بهذا، فإن الاستقلال لم يعد خيارا بعد، وبالتالي الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الذي يبدو ممكنا.

لاغثيتا: هل تعتقدون حقا أن كيانا صحراويا بحكم ذاتي يمكن أن يغلق ملفا بمثل هذا التعقد، مفتوحا لأكثر من ثلاثة عقود، وحتى الآن يبدو أنه لم يحرز أي تقدم ملموس؟

السيد خليهن ولد الرشيد: نعم، نحن نعتقد بلا ريب أنه الحل الأفضل. إنه الوسيلة التي أمكنكم من خلالها أنتم، الإسبان، حل مشاكلكم الداخلية والتاريخية بشكل ديمقراطي. لا احد يشك في أن إسبانيا هي اليوم أقوى بكثير، بفضل استيعابها مناطق حكم ذاتي. مشاكل مماثلة تم حلها من خلال الحكم الذاتي في ايرلندا الشمالية وروسيا والصين وبلدان أخرى كثيرة. الحكم الذاتي هو أفضل مخرج ديمقراطي، ضامن للاستقرار والازدهار وحماية مصالح مجتمع معين، وفي هذه الحالة، المجتمع الصحراوي.

لاغثيتا: ما هي ملامح الحكم الذاتي الصحراوي؟ كيف سيكون شكلها ؟ ما هي المؤسسات والصلاحيات التي سوف تعتمد عليها؟

السيد خليهن ولد الرشيد: الحكم الذاتي للصحراء سوف يشمل جميع المجالات، ما عدا أربع، وهي ضرورية وستظل تحت إشراف الدولة المركزية، ألا وهي: الدفاع والشؤون الخارجية والعملة والامتيازات الدينية للملك، بصفته أميرا للمؤمنين. كل الأمور الأخرى، سواء في الجانب السياسي كما الاقتصادي، أو حتى في مجال الأمن الداخلي، ستكون تحت سلطة الحكومة والبرلمان الصحراويين. ستكون هناك أيضا سلطة قضائية، وسوف نتحكم نحن في الميزانيات الخاصة بنا.

لاغثيتا: هل جبهة البوليساريو قابلة للذوبان في هذا الحكم الذاتي؟ ما هو الدور الذي يمكن أن تحتله المنظمة الانفصالية في كيان الحكم الذاتي في الصحراء؟

السيد خليهن ولد الرشيد: بكل تأكيد، من الواضح تماما أن جبهة البوليساريو قابلة للذوبان في هذا الحكم الذاتي. الحكم الذاتي موجه إلى الصحراويين وجبهة البوليساريو هي جزء من هؤلاء. بالنسبة للدور الذي ستقوم به جبهة البوليساريو، انطلاقا من اللحظة التي ستعطي فيها موافقتها على الحكم الذاتي، سوف يكون بإمكان هذه المنظمة تسيير مستقبل الحكم الذاتي نفسه. بالطبع، هذا الأمر ممكن دائما وحينما يضع السكان ثقتهم فيها وتفوز في الانتخابات.

لاغثيتا: بعد أربع جولات فاشلة وعدة محاولات لمواصلتها، في أي نقطة توجد حاليا المفاوضات المباشرة برعاية الأمم المتحدة بين المغرب وجبهة البوليساريو؟

السيد خليهن ولد الرشيد: المفاوضات متوقفة تماما، لأن جبهة البوليساريو والجزائر لا يريدان مناقشة جوهر المسألة، لا يريدان الذهاب رأسا إلى جوهر القضايا المطروحة. لا يمكن إحراز تقدم في المفاوضات إذا كنا لا نتفق على أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد. البوليساريو لديه الفرصة للتفاوض حول ملامح هذا الحكم الذاتي. شهادة بيتر فان والسوم مفيدة جدا في هذا الصدد، لأنها تشير على البوليساريو بالتنازل عن الاستقلال والنزعة الانفصالية من أجل التوصل إلى تسوية سريعة للنزاع. لكن لبلوغ هذا الغرض، جبهة البوليساريو بحاجة إلى هوامش ملموسة من الاستقلالية والتي لا تسمح بها الجزائر.

لاغثيتا: من الواضح بأن الدولة الاسبانية تعيش بطريقة خاصة هذا الملف لأسباب واضحة. ما الدور الذي تلعبه اسبانيا في حل هذا النزاع؟

السيد خليهن ولد الرشيد: اسبانيا تلعب بالفعل دورا هاما للغاية. منذ عام 2006، عقب إنشاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية واقتراح الحكم الذاتي، اسبانيا تغيرت بشكل كبير إزاء هذه القضية. الرأي العام والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات رحبت باقتراح الحكم الذاتي بشكل إيجابي. هناك مناطق لا تزال متعنتة، ولكنها ليست ضرورية لتشكيل رأي الحكومة الاسبانية للمساعدة على ضمان وصول المفاوضات إلى حل.

لاغثيتا: انطلاقا من ردود الفعل حول قضية أمينتو حيدر، ألا تعتقدون أن هذه الظلال لم تتوقف بعد في أوساط الرأي العام الإسباني؟ ألا تعتبرون أنه يتم النظر إلى الأمور إلى حد ما بطريقة منغلقة، وكأنه صراع بين الخير والشر حيث تلعبون أنتم دور الأخير؟

السيد خليهن ولد الرشيد: لا أعتقد. نعم هناك سوء فهم لهذه المسألة، هناك تأويلات سيئة. ربما أن المغرب لم يقدم الأشياء كما كان ينبغي له أن يفعل. وقد تم استغلال فكرة أن الصحراويين كانوا جميعا في المخيمات، وهو رأي خاطئ جدا. الآن أعتقد أننا أوضحنا تماما أن الغالبية المطلقة من سكاننا، أربعة أخماس أجزائه يعيشون في إقليم الصحراء المستعمرة الاسبانية السابقة، كما أننا نحن هم الصحراويون الحقيقيون لأننا لم نترك أرضنا أبدا. إسبانيا تغيرت كثيرا بالنسبة لتصورها حول الصحراء. مثال على ذلك هو أن ما يحدث لأمينتو حيدر لم يخلق أزمة دبلوماسية بين البلدين، وهي حالة معزولة وعرضية.

لاغثيتا: في ضوء الوضعية الراهنة للأمور في ارتباط بملف الصحراء الغربية، هل أنتم متفائلون بشأن التوصل إلى حل سريع؟

السيد خليهن ولد الرشيد: من ناحية نعم، أتوقع إيجاد حل سريع. من ناحية أخرى، أنا أكثر تشاؤما، وخصوصا في ظل الغموض الجزائري. لم نتوصل بعد إلى العثور على شريك في الجزائر يشجع على الحوار. الجزائر هي بلد لا يتقدم في المغرب العربي، لا يفتح حدوده مع المغرب، يرفض التفاوض مع الرباط، أو حتى التفاوض حول المسائل التي لا علاقة لها بالصحراء. والصحراء ملف تستخدمه الجزائر لحل شؤونها الداخلية، ومن ثَمَّ تدخلها المستمر. كلما كنا على وشك التوصل إلى تفاهم متبادل، وعندما يحدث تقدم ويسود التفاؤل، تحول الجزائر دون ذلك. هذا هو الحاصل الآن مع أمينتو حيدر التي هي بمثابة فرامل الجزائر في وجه مفاوضات تتجه إلى الأمام.

للاطلاع على نص الحوار في لغته الأصلية، يرجى الضغط على الرابط التالي:
http://www.intereconomia.com/noticias-gaceta/internacional/aminatu-haidar-unica-responsable-situacion#comment-39531  

المصدر: كوركاس
(خبر يهم ملف الصحراء الغربية/ الكوركاس)

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024