Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الثلاثاء 30 أبريل 2024
صحـافـة مكتوبة

عكاظ: لما حل العاهل المغربي محمد السادس بمدينة العيون يوم 25 مارس من العام الجاري، وبعد إصدار أوامره بإطلاق المعتقلين في أحداث الشغب، ألقى خطابا رسميا اعتبره المراقبون السياسيون إشارة تاريخية من حيث مستجداته الطموحة لحل نزاع الصحراء الذي طال، وطرح الخطاب إمكانية وضع لبنة أساسية لترسيخ ثقافة التشاور بين المغاربة، وفتح المجال الواسع أمام المواطنين للمساهمة باقتراحاتهم العملية في كل القضايا المتصلة بالوحدة الترابية للمملكة المغربية.



زف حفيد محمد الخامس، بطل التحرير المغربي، بخطاب العيون التاريخي خبر تعيينه للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي سيضفي بتركيبته الجديدة الديناميكية اللازمة، بما خوله له القانون من اختصاصات، وتبوئه مكانة متميزة، ليساهم إلى جانب السلطات العمومية، والمؤسسات المنتخبة في الدفاع عن مغربية الصحراء، والتعبير عن التطلعات المشروعة لمواطنيها. وحرص العاهل المغربي على تمكين المجلس من المصداقية والفعالية وسهر شخصيا على تشكيلة باقتراع ديمقراطي شارك فيه أعيان القبائل الصحراوية والمنتخبين المشهود لهم بالوطنية الصادقة وحصافة الرأي.
الانفصال لا يمثل إلا نفسه

بعد تأسيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، حث العاهل المغربي رئيس المجلس، الصحراوي خليهن ولد الرشيد؛ الوزير الأسبق للشؤون الصحراوية، على الانكباب على التفكير الجاد والعميق بخصوص وضع تصورات لمشروع نظام حكم ذاتي في إطار سيادة المملكة المغربية. وبدأ المجلس يعمل لتحقيق الإرادة الملكية التي يحدوها الأمل بإرادة قوية لإيجاد الحل التوافقي والنهائي لقضية الصحراء التي طال أمد صراعها المفتعل.

وخرج خليهن ولد الرشيد في أول ظهور إعلامي له مباشرة بعد تأسيس المجلس في البرنامج التلفزيوني المغربي «حوار»، وبميكرفون مفتوح على الرأي العام المغربي والدولي، دعا ولد الرشيد إلى فتح باب الحوار على مصراعيه مع جميع الأطراف المؤمنة بالشورى وبالديمقراطية، واستبعد بصرامة ومسؤولية كل رأي فردى متشدد يدعو إلى العصبية . وفاجأ رئيس المجلس الاستشاري الرأي العام بجرأته السياسية التي لم يسبق للذين اشتغلوا على ملف الصحراء أن تعاملوا معه بنفس الجرأة والمسؤولية. ووصف ولد الرشيد الجزائر، التي طالما اعتبرتها بعض الصحف المغربية محرضة لجبهة البوليساريو وداعمة لها على نهجها سياسة الشد والجذب ضد المغرب، وصفها بـ «الدولة الصديقة والشقيقة جدا »، «والحكيمة والناضجة».

وأعلن كذلك، ودائما عبر البرنامج الشهري الذي يعده الصحافي مصطفى العلوي، بأن مائة وأربعين عضوا، المشكلين للمجلس الصحراوي كلهم تحدوهم إرادة فض النزاع، مضيفا أن وحدة الوطن في ظل الانفتاح السياسي والمشاركة الفعالة والكاملة في تدبير الشأن العام، ستبقى الخيار الحقيقي والملاذ الوحيد لكافة الصحراويين مهما اختلفت مشاربهم وتعددت مواقعهم، وتنوعت مواقفهم وتوجهاتهم، لنؤكد للعالم، يضيف ولد الرشيد، أن الذين يرفعون شعار الانفصال والتفرقة معزولون ولا يمثلون إلا أنفسهم. وكان خليهن ولد الرشيد قد شدد في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمجلس، على القول أن ما ينبغي  امريكا وفرنسا واسبانيا تدعم الحل السياسى للنزاع
الذين يرفعون شعار الانفصال معزولون ولايمثلون الا انفسهم التركيز عليه أكثر، وبنفس الصرار والعزيمة، في تحركات المجلس وأنشطته ومبادراته، هو « العمل على تيسير سبل عودة إخوانه المحتجزين في مخيمات تندوف إلى وطنهم لينعموا بالدفء الذي طالما افتقدوه ببعدهم عن أحضان وطنهم وذويهم، وذلك بنهج أسلوب حضاري في التواصل والإقناع، برحابة الصدر وصفاء النفوس، بغية إظهار الحقائق، وإبراز الواقع الجديد الذي أصبح عليه المغرب اليوم بفضل السياسة المنفتحة للملك محمد السادس».

حقوق سكان تندوف
في الفترة التي كانت فيها المغرب تسعى لإيجاد حل سياسي توافقي حول قضية الصحراء، كان بعض المجتمع الأهلي الأمريكي يستنكر السلوك التنكيلي الذي تمارسه البوليساريو على الأسرى المغاربة المحتجزين لديها بمخيمات « تندوف». فاللجنة الأمريكية من أجل اللاجئين والمهاجرين، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1911، والتي تهتم بحماية اللاجئين ومساعدة المهاجرين والدفاع عن الحريات، تدعو الجزائر في مارس الماضي، مباشرة بعد خطاب العاهل المغربي التاريخي بالعيون، إلى إغلاق مخيمات تندوف التي كانت الفيضانات قد اجتاحتها وفاقمت من معاناة اللاجئين الذين تم تجميعهم في المخيمات من طرف البوليساريو بالصحراء، التي وصفتها اللجنة بالقاحلة.

كما أكدت اللجنة الأمريكية المستقلة المذكورة، ومن خلال دراسة بعنوان : تحقيق حول اللاجئين بالعالم خلال سنة 2006 / المخاطر والحقوق واستنادا إلى منظمة العفو الدولية، بأن سكان مخيمات «تندوف» لا يتمتعون بحرية التنقل موضحة أنه غالبا ما يتم توقيف الذين يحاولون مغادرة المخيمات بدون ترخيص من طرف قوات الجيش الجزائري التي تسلمهم لمسئولي «البوليساريو» ـ حسب نفس التقرير / الدراسة.

إسبانيا تدعم الحكم الذاتي
وفي نفس الاتجاه الذي تحرك فيه بعض المجتمع الأهلي الأمريكي المساند للمغرب في قضيته الترابية، تحركت إسبانيا بعد خروج خوسيه ماريا أثنار ؛ رئيس الحكومة الإسبانية السابق، من دائرة الحكم ووصول خلفه الجديد خوسيه رودريغيث ثاباتيرو، رئيس الحكومة الحالية، الذي سيجلس إلى جانب العاهل المغربي محمد السادس في باحة صومعة حسان التاريخية بالرباط العاصمة وذلك بمناسبة مشاركة ثاباتيرو في احتفالات المملكة المغربية بمرور خمسين سنة على استقلالها من الاستعمار الفرنسي والإسباني. لقد كان جلوس رئيس الحكومة الإسبانية إلى جانب العاهل المغربي وهو يحدثه، بمثابة رسالة واضحة تحمل يقين تجديد التفاهم ورأب الصدع بين البلدين، الذي كان قد خلفه رئيس الحكومة السابق أثنار بإثارته مشكل «صخرة ليلى» ؛ أو ما يعرف بجزيرة «ثرى»، التي استنفرت لها إسبانيا قواتها العسكرية، واحتجزت بها حارسين من قوات خفر الشواطئ المغربية مدة لتخل سبيلهما بعد تفاوض دبلوماسي، لعبت فيه الدبلوماسية المغربية برئاسة وزير الخارجية المغربي الحالي محمد بن عيسى دورا كبيرا ومهما.

وبعد ذلك بأيام قليلة، ستنقل وكالة أوروبا بريس عن الناطق الرسمي باسم الحزب الاشتراكي الإسباني، من داخل لجنة الشؤون الخارجية بكونغرس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان) ؛ رافاييل إستريا، قوله إنه من المهم أن يقدم المغرب على خطوة جديدة بعد وصوله إلى قناعة بأن الجهود التي بذلت على امتداد ثلاثة عقود لم تؤد إلى أي شيء.

وطلب المسئول الحزبي الإسباني التشبث بالصبر والتأني حتى معرفة المقترح المغربي الذي ستتقدم به الرباط إلى الأمم المتحدة في شهر أبريل الماضي ؛ أياما قبل أن يقرر مجلس الأمن من جديد تمديد مهمة المينورسو، وفي ذات السياق، كشفت صحيفة «لا راثون» الإسبانية أن رئيس الحكومة خوسيه لويس رودرغيث ثاباتيرو قال لشخصية إسبانية معروفة بدعمها لما يسمى بـ «الشعب الصحراوي» : « إن الضغوط الدولية لا تترك لنا خيارا آخر غير دعم حل الحكم الذاتي في الصحراء المغربية».

الحكم الذاتي نمط للامركزية
تابعت ( عكاظ ) بمدينة «سطات» / إلى الوسط الجنوبي للمغرب، آخر مايو وبداية يونيو الجاري، أشغال الندوة الدولية لجامعة الحسن الأول في موضوع : « أي حكم ذاتي لأقاليمنا الجنوبية». وقد شارك في الندوة عدد من الفعاليات المغربية والدولية، وضمنهم إسبانيا، وتناولوا موضوع الحكم الذاتي من مختلف جوانبه.

ومن الأساتذة المشاركين في الندوة من استشهد في بحثه بنماذج للحكم الذاتي في بعض الدول الأوروبية ومنها فرنسا وإسبانيا وألمانيا. أما النموذج المقترح للمغرب في الصحراء، فانطلق في شرحه الدكتور بن يونس المرزوقي ؛ أستاذ القانون العام في الجامعة المغربية، من ترسيخ اللامركزية التي يقتضي ترسيخها اعتماد كل الأساليب والتقنيات التي تحقق فلسفتها بشكل يجعلها تساهم في حل إشكالية حقيقية. وفي هذا الصدد ـ يشرح المرزوقي، فإن الدولة المركبة تعتبر نموذجا جيدا يجسد اللامركزية في بعدها السياسي.

أما الدولة الموجدة فإنها تحتاج إلى ابتداع الحلول المناسبة لوضعيات متعددة ومتنوعة لا تحتاج دائما إلى نفس الحلول.وبدوره الدكتور الحسين أعبوش، أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، يعتبر تقرير المصير، أو الحكم الذاتي، من المبادئ السياسية التي تكرست كحق أساسي في القانون الدولي سواء في ميثاق الأمم المتحدة، أو في توصيات الجمعية العامة، أوفي الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية.

أما الدكتور خالد الورديغي، الذي لم تتح له فرصة المشاركة في ندوة سطات، فيرى أن مفهوم الحكم الذاتي ارتبط بجوانب متعددة متصلة بحياة المجتمعات وامتداداتها العرقية واللغوية والدينية، ولعل هذا ما جعله ينفلت من أي تعريف موحد وشامل، مما أضفى عليه طابعا إشكاليا متصلا بالأدوار والدلالات التاريخية التي حملها، والتي غالبا ما زاوجت بين البعدين السياسي والقانوني.

وخلص الدكتور الورديغي إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تكاد تحظى بالإجماع الدولي، وهذا ما أكده الأمين العام المساعد السابق بالصحراء المغربية ؛ إيريك جونسون، في ندوة عالمية نظمتها حكومة «لاس بالماس» حول الصحراء وآفاق المستقبل بداية السنة الجارية 2006، بأن القوى العالمية الثلاث أمريكا، فرنسا، وإسبانيا، جميعها تبدي تأييدها لدعم حل سياسي لنزاع الصحراء المغربية المفتعل.

 

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024