Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
السبت 04 ماي 2024
صحـافـة مكتوبة

الشرق الأوسط:  في بادرة دبلوماسية، هي الاولى من نوعها منذ اندلاع نزاع الصحراء، اعربت الصين عن استعدادها «للعب دور ايجابي لتسوية قضية الصحراء مؤملة ان يتم ايجاد حل ملائم لهذه القضية عن طريق الحوار والمشاورات في اطار الامم المتحدة».



وورد في تصريح بثته امس وكالة الانباء المغربية، ادلى به، ون جياباو، رئيس وزراء الصين في اعقاب مباحثاته في بكين مع نظيره المغربي ادريس جطو، ان بلاده تقدر الجهود التي يبذلها المغرب من اجل إيجاد تسوية لقضية الصحراء من خلال الوسائل السلمية. واكد المسؤول الصيني ان بكين تسعى الى مضاعفة الثقة السياسية مع المغرب وتوسيع التعاون في مجالات الفلاحة والصيد البحري وتكوين الاطر.

ونأت الصين بنفسها في غالب الاحيان، عن الانحياز لطرف من اطراف النزاع الذي تدرك في الحقيقة ان مفتاح حله يوجد بيد الجزائر والمغرب، ولم يثبت ان قدمت بكين دعما سياسيا او اظهرت تعاطفا مع جبهة البوليساريو، علما ان هذه الاخيرة كانت ترفع في وقت من الاوقات شعارات الماركسية وحرب التحرير الشعبية، وهي مفردات متوارثة في القاموس السياسي الصيني. وينسجم نأي الصين عن التورط في نزاعات اقليمية تغذيها اطراف دولية غامضة المقاصد، مع النهج السياسي الذي طالما اعتمدته حيال الازمات الدولية الكبرى.

ولم يكن بإمكانها ان تفصح عن تأييد واضح للمغرب، لكي لا تغضب الجزائر جارته الشرقية التي تربطها ببكين علاقات طيبة، مع العلم ان الصين ترى بشكل من الاشكال صورتها في المغرب، فهي بدورها تطالب باستعادة جزء من ترابها الوطني قائم فيما يسمى «جمهورية الصين الوطنية»، ولذلك فان المغرب كان يدرك من جانبه عمق الجرح الصيني، فبادر في شتى المناسبات الى الاعراب عن تأييده الكامل والصريح لبكين وحقها التاريخي والجغرافي، في استعادة ما احتفظ به النظام الموالي للغرب في تايوان في اعقاب حرب التحرير الشعبية التي خاضها ضده الحزب الشيوعي الصيني بقيادة زعيمهم الراحل ماوتسي تونغ. ولم تتخل الرباط عن تأييدها، حتى ولو أغضب موقفها واشنطن، حليفة نظام تايوان.

وظهر تحول بارز ودال في موقف الصين من قضية الوحدة الترابية للمغرب، اثناء الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني الى المغرب العام الماضي حيث اجرى مباحثات مع رئيسي مجلسي النواب والمستشارين عبد الواحد الراضي ومصطفى عكاشة، كما التقى خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، وكانت لم تمض مدة على تعيينه وتجديد المجلس من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وفسر الاستقبال في حينه على انه تشجيع من العملاق الآسيوي لكي يمضي المغرب قدما في نهج الحكم الذاتي الموسع الذي اقترحه عاهله للمحافظات الجنوبية، كوسيلة لطي نهائي للازمة.وانسجاما مع هذا المنطق، تشجعت بكين، واظهرت استعدادها للعب دور ايجابي، لم تتحدد طبيعته بعد، للمساهمة في حل نزاع فقد مع مرور الزمن طعمه. ومن المؤكد ان بكين، ما كانت لتقدم على هذه الخطوة قبل استمزاج رأي الجزائر، كما يمكن النظر الى مساعيها الحميدة المعلنة، وربطها بالتغيير الحاصل في المواقف الدولية من النزاع، ابرزها ما لمحت اليه اخيرا الولايات المتحدة التي افصحت لأول مرة عن ما كانت تتكتم عليه لأسباب فيها ما هو استراتيجي واقتصادي وسياسي، فقد اعتبرت القوة العظمى جبهة البوليساريو، الداعية لانفصال الصحراء، طرفا في النزاع ولا تمثل بأي حال من الاحوال كل الصحراويين.

ويلتقي موقف واشنطن الذي لم يتبلور في اجراءات عملية، مع ما اصبح المغرب يردده بعد اطلاق مشروع الحكم الذاتي، فالرباط لا تلغي من حسابها وجود جبهة البوليساريو، لكنها تريد التعامل معها كمكون سياسي من بين مكونات المجتمع الصحراوي، السياسية والمدنية والقبلية، بل ان رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي، خاطب عناصر البوليساريو بالإخوة الاشقاء، وذهب بعيدا حين لم يستبعد فرضية ان يصبح محمد عبد العزيز، امين عام الجبهة الانفصالية، اول رئيس للكيان الصحراوي الذي سيتمخض عنه مشروع الحكم الذاتي، اذا ما تم اختياره بالاسلوب الديمقراطي. لذلك ينبغي التساؤل الى أي حد يمكن ان يؤثر الاستعداد الصيني الجديد في حل النزاع، الذي مرت عليه احدى وثلاثون سنة؟ هل تعكس رغبة بكين، مزاجا دوليا جديدا، أم انها فقط تحاول ان تجرب لعب أوراق على الصعيد الدولي، لتختبر قدراتها التفاوضية وإسهامها في فض النزاعات، لتبرهن للعالم الخائف من اكتساحها الاسواق انها بقدر ما هي قوة اقتصادية ناهظة، فإنها تملك بالقدر نفسه مقومات طاقة دبلوماسية كامنة في اعماقها، فلماذا لا تفرغها في صراع اقليمي، يبدو ان نهايته اقتربت؟

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024