Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الأحد 28 أبريل 2024
صحـافـة مكتوبة

اعتبرت صحيفة " The Australian " الاسترالية أن المغرب هو البلد الأكثر أهمية في منطقة شمال أفريقيا، وأنه يتعين على أستراليا تحسين علاقاتها السياسية والاقتصادية به. وأضاف المقال أن المغرب يواجه حركة البوليساريو الانفصالية التي تدعمها الجزائر والمتورطة مع تنظيم القاعدة الإرهابي المعروف، علما بأن المغرب يعد أحد الدول الرئيسية التي تكافح الإرهاب بتنسيق قوي مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.



  في ما يلي مضمون المقال الذي صدر أخيرا في صحيفة " The Australian "

زرت للتو بلدين يدعمان بجرأة وعلانية محاولة أستراليا الترشيح لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وهما إسرائيل والمغرب. دعم إسرائيل أمر مفهوم، فأستراليا بلد صديق جدا لإسرائيل، في حين أن حالة المغرب هي ربما أكثر إثارة للاهتمام. واللافت أن أستراليا ليس لديها سفارة في هذا البلد، بينما لدى المغرب سفارة في كانبيرا. والسفارة الوحيدة التي تتوفر عليها أستراليا في شمال افريقيا توجد في القاهرة، بينما هناك عدد كبير من بلدان شمال أفريقيا لديها سفارات في كانبيرا- المغرب، الجزائر، سوريا وليبيا-.

من ضمن كل هذه البلدان، المغرب هو إلى حد بعيد البلد الأكثر إثارة للاهتمام والأهم. لقد اعتمدت استراليا سفيرها بباريس في العاصمة المغربية، الرباط، وهذا دليل على أهمية هذا البلد بالنسبة للمصالح الوطنية لاستراليا.
بداية، ثمة مثال على ذلك، وهو زيارة استمرت عدة أيام قام بها إلى المغرب وفد أسترالي مكون من ستة من كبار الساسة الاتحاديين، وكذلك رجال أعمال وعدد من الصحفيين، حيث التقوا بكبار القيادات السياسية المغربية، ووزراء وبعض مستشاري الملك ورجال أعمال ومسؤولين إقليميين. وأجرت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة مقابلات عديدة مع الساسة الاستراليين. وكان حضورهم الأقوى وقعا في المغرب منذ سنوات عديدة، ولعلهم شكلوا على الأرجح أكبر وفد من نوعه يزور المغرب. ورغم ذلك، لم تتدخل السفارة الاسترالية في باريس في زيارتهم على الإطلاق.

لم يتم عمل أي شيء لأجل التنسيق أو إدماج مقاربة استرالية متماسكة. وهذا، للأسف، يعكس تراجعا مثيرا للشفقة على مستوى الوضع والموارد في وزارة الشؤون الخارجية والتجارة التي لم تتلق أي زيادة مهمة من حكومة هوارد الحالية. لا يوجد بلد آخر في حجمنا وبنفس الثروات التي لدينا بمثل هذه التمثيل الدبلوماسي البئيس. بينما يتوفر المغرب، وهو لا يمثل سوى جزء صغير فقط من ثرواتنا، على تمثيل دبلوماسي أوسع بكثير من أستراليا..

هذا الوضع، بالمناسبة، يجعل مطالبنا تفقد أهميتها بشكل مضحك في قضايا تهم العالم مثل عملية السلام في الشرق الأوسط وعدم انتشار الأسلحة النووية والعلاقات بين الإسلام والغرب. ولعل هذا واحد من أسباب كثيرة تُفشل سعينا للحصول على مقعد في مجلس الأمن. من الصعب إقناع بلد ما بأنك تحمل مصالحه ووجهات نظره على محمل الجد إذا كنت غير مهتم بفتح سفارة في عاصمته.

هذا خطأ سخيف ترتكبه أستراليا، ويعكس الخلل الذي يشوب أولوياتها. لدينا ميزانية ضخمة بملايير الدولارات للمساعدات الخارجية، وجزء كبير منها، بعد أن يتبخر من الأيادي الأسترالية بفترة طويلة، يتم صرفه حتما في أنشطة الفساد والاستشارات والسياسات ذات النتائج العكسية. لذلك، ينبغي إعادة توجيه جزء من هذه الأموال نحو إنشاء سفارات وقنصليات جديدة. وستفيد مثل هذه المبادرات اقتصاد البلدان المعنية، وكثير منها، مثل المغرب، نود مساعدته. هذه السفارات والقنصليات، عبر تشجيعها التجارة، وبصفة أولى، تعزيزها للروابط السياسية وحقوق الإنسان على نطاق أوسع مع أستراليا، سيكون لها أيضا آثار مفيدة وأكثر تنوعا.

إذا كنا مهتمين ببذل أقصى الجهود لتقديم المساعدة، وأيضا تحسين تأثيرنا وخدمة مصالحنا بأعلى قدر من الفعالية، فسيكون ذلك هو ما يتوجب علينا فعله. لقد تكرست في مجال الدبلوماسية الأسترالية دينامية سيئة للغاية خلال العقد ونصف العقد الماضيين، فكل شيء صار يتمحور حول المظاهر الشخصية والتغطية الإعلامية لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وكأن السياسة الخارجية المتماسكة لا يوجد لديها تعبيرات أخرى غير هذه.

إن إهمالنا السخيف للمغرب هو تعبير واضح لركود السياسة الخارجية الأسترالية، بصرف النظر عن مصالحنا الأساسية التقليدية في أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا (حتى وإن سجلنا هناك فجوات كبيرة بهذه المناطق)

علاقة المغرب مع الغرب مبنية على الصداقة، وعلى الاعتدال. ويتعاون المغرب بشكل وثيق في مجال الأمن مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

قبل عدة سنوات وقع عدد قليل جدا من التفجيرات الإرهابية في الدار البيضاء. وقد حاول تنظيم القاعدة في المغرب العربي اختراق المغرب، لكن دون نجاح كبير. وتتعامل حكومة الرباط مع حركة انفصالية عرقية مفككة في الصحراء الغربية، بقيادة جبهة البوليساريو، مدعومة من الجزائر، ولها صلات مع تنظيم القاعدة.

المغرب، خلافا لمعظم جيرانه، لا يتوفر على احتياطات نفطية، على الرغم من أنه يحتمل جدا أن يوجد به نفط، ولذلك تهتم شركات التعدين الاسترالية بالتنقيب هناك. وقد تمكن المغرب من تجاوز الأزمة المالية العالمية بشكل جيد نسبيا، مع تسجيله نموا اقتصاديا سنويا يناهز 4 في المائة. ولكنه مثل معظم دول العالم العربي لديه معدلات مواليد عالية، ونسبة شباب كبيرة وحاجة هائلة لفرص عمل جديدة. إن معدل 4 في المائة من النمو ليست سيئة جدا، ولكن المغرب يحتاج إلى معدل أعلى من ذلك لاستيعاب جميع الوافدين الجدد على سوق العمل سنويا.

وتعد السوق المغربية سوقا مشجعة ومتعطشة للاستثمارات الأجنبية. والمدن الكبيرة التي زرتها، الدار البيضاء والرباط، نظيفة جدا ومنظمة وشوارعها آمنة عموما.

ويفخر المغرب بأنه لم يضطهد الأقلية اليهودية التي تعيش على أراضيه خلال الحرب العالمية الثانية. وهو فخور بأنه لا يزال لديه جالية مغربية يهودية نشيطة.

بعد كل ما قيل، إذا كان لأستراليا أن تطور علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع أي بلد في شمال أفريقيا، فهو المغرب. يمكننا أن نتعلم أشياء كثيرة من المغرب عن الإسلام في الشرق الأوسط، وبالتأكيد هناك مجالات حيث يمكن للعبقرية الوطنية أن تقدم مساهمة بناءة لثروات المغرب.

لكننا، في هذا الأمر كما نحن في معظم الأمور، غافلون ومتخمون وسعداء بثرواتنا المعدنية، وغير آبهين بإصلاح شؤوننا، بل يبدو أننا غير آبهين بالتاريخ نفسه. هذا غباء، سواء في موضوع المغرب أو بشكل أعم. وقد لا نكون مهتمين بالتاريخ لبعض الوقت، لكني أخشى أن التاريخ مهتم جدا بنا.

المصدر: كوركاس
(خبر يهم ملف الصحراء الغربية / كوركاس)

 

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024