Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الخميس 02 ماي 2024
خطب ملكية

جلالة الملك يجدد تأكيد استعداد المغرب التام للتفاوض الجاد بشأن الحكم الذاتي بالصحراء

جدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس التأكيد على استعداد المغرب التام للتفاوض الجاد بشأن الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء.



وقال جلالة الملك  في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة مساء يوم الخميس بمناسبة الذكرى 33 للمسيرة الخضراء المظفرة, إن المغرب يعتبر «أن مبادرته مطروحة باستمرار على طاولة الحوار في نطاق الأ مم المتحدة , واثقا من أن منطق التعقل والنظرة المستقبلية سيتغلب, لا محالة, على الأطروحات المتجاوزة وأوهام الماضي».

وإلى أن يتم ذلك, يصيف جلالة الملك , فإن المغرب لن يبقى مكتوف الأيدي ولن يقبل بأن يكون تقدمه الديمقراطي والتنموي رهين حسابات ومناورات الغير, مؤكدا جلالته أنه «وكيفما كانت التطورات التي يعرفها التعاطي الجهوي والدولي مع قضيتنا الوطنية, فإن المغرب سيظل معولا على ذاته والتمسك بحقوقه المشروعة والتحلي باليقظة المستمرة ومواصلة التعبئة الشاملة ووحدة الجبهة الداخلية, التي هي مصدر قوتنا».

وأكد جلالة الملك أنه بفضل دينامية المسار البناء الذي خلقته المبادرة المغربية المقدامة للحكم الذاتي تأكد التطابق التام بين جهود المملكة ورغبة المجتمع الدولي في الوصول, سريعا, إلى حل توافقي وواقعي وقابل للتطبيق, من خلال مفاوضات مكثفة وجوهرية, تشارك فيها كافة الأطراف المعنية بصدق وحسن نية , في إطار القرار1813 وبرعاية الأمم المتحدة.

وبعد أن ذكر جلالة الملك بمختلف المراحل التي مرت منها المبادرة المغربية وتجاوب المجتمع الدولي معها , بعد أن اقتنع بعدم صلاحية المقترحات السابقة للتسوية وعدم قابليتها للتطبيق, مما جعله يصف المقترح المغربي بأنه مقترح جاد وذو مصداقية,أوضح صاحب الجلالة أنه, وبغية إيجاد مخرج لهذا الخلاف, أبان المغرب, عن إرادته الصادقة في الفصل بين النزاع الإقليمي حول الصحراء , وبين التطور المنشود للعلاقات الثنائية مع الجزائر.

وعبر جلالة الملك في هذا الصدد عن الأسف لكون الموقف الرسمي للجزائر« يسعى لعرقلة الدينامية الفاضلة التي أطلقتها المبادرة المغربية, مسخرة طاقاتها لتكريس الوضع الراهن المشحون ببلقنة المنطقة المغاربية والساحلية, في الوقت الذي تفرض عليها التحولات الإقليمية والعالمية التكتل لرفع ما يواجهها من تحديات تنموية مصيرية ومخاطر أمنية».

المصدر: و م ع
( خبر يهم ملف الصحراء الغريبة/ الكوركاس)


  النص الكامل للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين

« الحمد لله, والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه, شعبي العزيز, نخلد اليوم الذكرى الثالثة والثلا ثين للمسيرة الخضراء المظفرة, ليس باعتبارها ملحمة للعرش والشعب تكللت باسترجاع المغرب لصحرائه, وإنما لكونها شكلت, أيضا, منعطفا في تاريخ بلادنا الحديث, بما تمخض عنها من إعطاء دينامية جديدة للمسار الديمقراطي وللإجماع الراسخ حول الثوابت الوطنية.

ومنذ تولينا أمانة قيادتك, عملنا على تعزيزها بمنهج متجدد, منطلقه الاقتناع الجماعي الراسخ, بكون قضية الصحراء, أمانة في أعناق كل المغاربة, قوامه الحكامة المحلية الجيدة لأقاليمنا الجنوبية والمشاركة الواسعة في تدبير قضيتنا الوطنية, وجوهره إضفاء عمق تنموي وتضامني على روحها الوحدوية.

كما اعتمدنا, على الصعيد الدولي, مقاربة جعلت المغرب الطرف الوحيد, الذي استجاب لدعوة المجموعة الدولية كافة الأطراف المعنية, منذ نهاية التسعينات, لاتخاذ مبادرات, لتجاوز مأزق محاولا ت تسوية النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء والبحث عن حل توافقي , وذلك ضمن مسار ثالث, يقوم على التخلي النهائي عن المقترحات السابقة للتسوية, بعدما اقتنع المجتمع الدولي بعدم صلاحيتها وقابليتها للتطبيق لأسباب موضوعية.

وقد قامت بلادنا بجهود مشهود بها, توجناها باقتراح مبادرة مقدامة للحكم الذاتي, حرصنا على أن تكون المشاركة الديمقراطية هي السمة المميزة لكافة مراحل إعدادها من لدن كافة الأحزاب السياسية والقوى الحية للأمة, وكذا سائر الهيآت التمثيلية للأقاليم الجنوبية.

وهو ما جعل هذه المبادرة ملكا للمغاربة جميعا, ولاسيما أبناء أقاليمنا الصحراوية, لأنها فتحت أمامهم أبواب المصالحة مع إخوانهم العائدين لحضن الوطن-الأم, ليتولوا جميعا التدبير الذاتي لشؤونهم المحلية.

كما عملنا على توسيع المشاورات بشأنها لتشمل المجتمع الدولي الذي أسفر تشجيعه ودعمه لها, عن قيام عدة هيآت دولية وأممية بمراجعة مواقفها من هذه القضية , وفي طليعتها, مجلس الأ من, الذي جسد إجماعه وتزكيته لمبادرة بلادنا في عدة قرارات, وآخرها القرار1813 الذي أشاد بجديتها ومصداقيتها وخولها صفة الأفضلية, مما يعني استبعاد أي مقترح آخر متجاوز ملفق وعديم الواقعية والنظرة المستقبلية.

وبفضل دينامية هذا المسار البناء, تأكد التطابق التام بين جهود المملكة ورغبة المجتمع الدولي في الوصول, سريعا, إلى حل توافقي وواقعي وقابل للتطبيق, من خلال مفاوضات مكثفة وجوهرية تشارك فيها كافة الأطراف المعنية بصدق وحسن نية, في إطار القرار1813 وبرعاية الأمم المتحدة.

وبغية إيجاد مخرج لهذا الخلاف, أبان المغرب عن إرادته الصادقة في الفصل بين النزاع الإقليمي حول الصحراء وبين التطور المنشود للعلاقات الثنائية مع الجزائر.

وللأ سف, فإن موقفها الرسمي, يسعى لعرقلة الدينامية الفاضلة التي أطلقتها المبادرة المغربية, مسخرة طاقاتها لتكريس الوضع الراهن, المشحون ببلقنة المنطقة المغاربية والساحلية, في الوقت الذي تفرض عليها التحولات الإقليمية والعالمية التكتل لرفع ما يواجهها من تحديات تنموية مصيرية ومخاطر أمنية.

كما أن التمادي في رفض كل مساعي التطبيع المغربية, أو تلك المبذولة من بلدان شقيقة وصديقة وقوى فاعلة في المجتمع الدولي, يعد توجها معاكسا لمنطق التاريخ والجغرافية الذي يتنافى مع إغلاق الحدود بين بلدين جارين شقيقين.

فتشبث بلادنا بفتح هذه الحدود وتطبيع العلاقات, ليس إلا وفاء لأواصر الأخوة وحسن الجوار وتمسكا بحقوق الإنسان في حرية التنقل والتبادل, وكذا استجابة لحتمية الاندماج المغاربي...

وفي جميع الأحوال, فإن المملكة ستظل وفية لهويتها الحضارية في الانفتاح, رصيدها في ذلك المصداقية التي يحظى بها النموذج المغربي في محيطه الإقليمي والدولي.

وفي هذا الصدد, نعرب عن اعتزازنا بحصول المملكة, في سابقة رائدة من نوعها, على وضع متقدم في شراكتها بالاتحاد الأوروبي.

إن هذا النظام المتميز, الذي مافتئنا ندعو إليه ونعمل من أجله منذ سنة2000 , يشكل اعترافا بوجاهة اختياراتنا الاستراتيجية ونجاعة دبلوماسيتنا ومصداقية جهودنا الإصلاحية ومنجزاتنا التنموية الكبرى التي هي محط تنويه ودعم من المؤسسات النقدية والاقتصادية العالمية.

وهو ما يقتضي مواصلة العمل الجاد, من أجل حسن استثمار شتى الفرص والآفاق التي يتيحها هذا النظام المتدرج, بما يتضمنه من تدابير ومكاسب ملموسة على الأمد المنظور , وبما يفتحه من آفاق واسعة, مؤكدين حرصنا على تقوية وتوسيع شراكاتنا المتعددة شمالا وجنوبا.

شعبي العزيز, كيفما كانت التطورات التي يعرفها التعاطي الجهوي والدولي مع قضيتنا الوطنية, فإن المغرب سيظل معولا على ذاته والتمسك بحقوقه المشروعة والتحلي باليقظة المستمرة ومواصلة التعبئة الشاملة ووحدة الجبهة الداخلية التي هي مصدر قوتنا.

ومن هذا المنطلق, فإن المغرب يؤكد استعداده التام للتفاوض الجاد بشأن الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع, معتبرا أن مبادرته مطروحة باستمرار على طاولة الحوار في نطاق الأمم المتحدة , واثقا من أن منطق التعقل والنظرة المستقبلية سيتغلب, لا محالة, على الأطروحات المتجاوزة وأوهام الماضي.

وإلى أن يتم ذلك, فإن المغرب لن يبقى مكتوف الأيدي ولن يقبل بأن يكون تقدمه الديمقراطي والتنموي رهين حسابات ومناورات الغير.

لذلك قررنا, بعون الله, فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة التي نقودها , بإ طلا ق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة, تشمل كل مناطق المملكة, وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية, مؤكدين عزمنا الراسخ على تمكين كافة ساكنتها وأبنائها من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية ضمن مغرب موحد, سواء بإقامة جهوية واسعة وملائمة, وذلك طبقا لإرادتنا الوطنية , أو من خلال الحكم الذاتي المقترح متى تم التوافق السياسي بشأنه واعتماده كحل نهائي, من طرف المنتظم الأممي.

شعبي العزيز, إن مشروع الجهوية, إصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وإنضاجه, لذا, ارتأيت أن أخاطبك في شأن خارطة طريقه : أهدافا, ومرتكزات, ومقاربات.

فطموحنا الكبير من هذا الورش الواعد هو ترسيخ الحكامة المحلية الجيدة وتعزيز القرب من المواطن وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة, الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ولبلوغ هذه الأهداف, فإن هذا الإصلاح يجب أن يقوم على مرتكزات الوحدة والتوازن, والتضامن.

فأما الوحدة, فتشمل وحدة الدولة والوطن والتراب, التي لا يمكن لأي جهوية أن تتم إلا في نطاقها.

وأما التوازن, فينبغي أن يقوم على تحديد الاختصاصات الحصرية المنوطة بالدولة مع تمكين المؤسسات الجهوية من الصلاحيات الضرورية للنهوض بمهامها التنموية, في مراعاة لمستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل.

ويظل التضامن الوطني حجر الزاوية, في الجهوية المتقدمة, إذ أن تحويل الاختصاصات للجهة يقترن بتوفير موارد مالية عامة وذاتية.

كما أن نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجع يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا.

وعلى غرار نهجنا في تدبير القضايا الكبرى للأمة, ارتأينا اعتماد مقاربتنا الديمقراطية والتشاركية في إعداده...

ولهذه الغاية, نعتزم, بحول الله, إقامة لجنة استشارية متعددة الاختصاصات.

مكونة من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والخبرة الواسعة وبعد النظر, مكلفين إياها باقتراح تصور عام للجهوية, في استشعار لكل أبعادها واستحضار لدور المؤسسات الدستورية المختصة في تفعيلها, بعد رفع الأمر إلى نظرنا السامي.

وإننا لحريصون على أن يتمخض التصور العام لهذا المشروع الكبير عن نقاش وطني واسع وبناء, تشارك فيه كل المؤسسات والسلطات المختصة والفعاليات التمثيلية والحزبية, الأكاديمية والجمعوية المؤهلة.

ومهما وفرنا للجهوية من تقدم, فستظل محدودة, ما لم تقترن بتعزيز مسار اللا تمركز , لذلك, يتعين إعطاء دفعة قوية لعمل الدولة على المستوى الترابي, خاصة في مجال إعادة تنظيم الإ دارة المحلية وجعلها أكثر تناسقا وفعالية وتقوية التأطير عن قرب.

وفي هذا الصدد, نوجه الحكومة لأن ترفع إلى نظرنا السديد اقتراحات بشأن إحداث عمالات وأقاليم جديدة, على أن تراعي في ذلك مستلزمات الحكامة الترابية الجيدة وخصوصيات وإمكانات بعض المناطق والمتطلبات التنموية لسكانها.

كما نهيب بالحكومة, إلى إعداد ميثاق وطني لعدم التمركز يتوخى إقامة نظام فعال لإدارة لا ممركزة, يشكل قطيعة حقيقية مع المركزية المتحجرة, نظام يعتمد مقاربة ترابية ويقوم على نقل صلاحيات مركزية للمصالح الخارجية وانتظامها في أقطاب تقنية جهوية.

كما يتعين تضمين هذا الميثاق الآليات القانونية الملائمة لحكامة ترابية تخول للولاة والعمال الصلاحيات اللازمة للنهوض بمهامهم, ولاسيما ما يتعلق منها بالإشراف على نجاعة ممارسة اختصاصات أجهزة الدولة وتناسق عمل كافة المتدخلين على المستوى الترابي الإقليمي والجهوي.

وإننا ندعو الجميع إلى التحلي بروح الوطنية والمواطنة لرفع التحدي الكبير لانبثاق نموذج مغربي لجهوية متميزة, نريدها, بحكم ما تجسده من تقدم ديمقراطي وتنموي, ترسيخا للحكامة الجيدة وتأهيلا للإصلاح المؤسسي العميق.

وفي ذلك خير وفاء لروح والدنا المنعم, جلالة الملك الحسن الثاني, أكرم الله مثواه, مبدع المسيرة الخضراء وباني صرح الدولة المغربية الحديثة, التي نحن على سيادتها ووحدتها مؤتمنون, ولتجديد هياكلها ومؤسساتها راعون, وعلى تحقيق تقدمها وتنميتها عاملون.

«وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب», صدق الله العظيم, والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».

 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024