Document sans titre  
الـعـربية Español Français English Deutsch Русский Português Italiano
الخميس 25 أبريل 2024
ملفـات

"الحكامة في الأقاليم الجنوبية والمكتسبات الجديدة في مجال حقوق الإنسان"

استضاف منتدى وكالة المغرب للأنباء، يوم الثلاثاء 15 أبريل 2014، السيد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية للحديث والنقاش حول مسألة الحكامة في جهة الصحراء في ارتباط بتطور حقوق الإنسان فيها وبالحكم الذاتي باعتباره تتويجا لهذا التطور الذي من شأنه أن "يضع حدا لإشكالية حقوق الإنسان ويأتي بإجابات شاملة لكل التحديات القائمة". 


في ما يلي ملف اللقاء: 

رئيس المجلس في ضيافة منتدى وكالة المغرب للأنباء 

المينورسو والأمم المتحدة ليس لهما الحق في فرض رقابة دولية على المغرب في مجال حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية


- 15-04-2014أكد السيد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي كان ضيفا على منتدى وكالة المغرب للأنباء، يوم الثلاثاء 15 أبريل الجاري، أن اقتراح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمغرب سمح بانفتاح كبير في مجال حقوق الإنسان وفي مجال تعميق الحريات في إطار القوانين المغربية.


ولاحظ رئيس المجلس في عرضه حول "الحكامة في الأقاليم الجنوبية والمكتسبات الجديدة في مجال حقوق الإنسان"، أنه انطلاقا من الدينامية التي أطلقها المقترح "لم تعد إشكالية حقوق الإنسان قائمة في الأقاليم الجنوبية".


وأضاف السيد خليهن أنه عند جهة الصحراء إلى المغرب ظهر مطلب ملح كان يستوجب إجابات فورية هو رفع مستوى المنطقة إلى مستوى جهات المغرب الأخرى وتوفير الحد الأدنى المقبول من ظروف العيش للسكان لأن الأقاليم الجنوبية لم تكن متوفرة آنذاك على البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.


ولقد كان للمجهود الجبار الذي قدم تأثير إيجابي كبير على تطور حقوق الإنسان في جهة الصحراء يؤكد السيد خليهن.


وإذا كانت فترة التأهيل هذه أساسية  بالنسبة لرئيس المجلس، فإن قرار جلالة الملك محمد السادس باقتراح وضع الحكم اذاتي للأقاليم الجنوبية قد كان "نقطة تحول" في تاريخ المنطقة، واعتبر السيد خليهن أن القرار "التاريخي والشجاع" كان أول نهج سياسي من نوعه يأتي بإجابات شاملة لكل التحديات القائمة.


ولاحظ السيد خليهن أن الاقتراح المغربي لقي ترحيبا من لدن ألصحراويين ولكنه كان "مفاجأة" للملاحظين وقد غير معادلة الصراع المصطنع حول الصحراء المغربية.


وأضاف رئيس المجلس أن من حق المغرب رفض كل مقترح يضر بحقوقه، فلا المينورسو ولا الأمم المتحدة لهم الحق في فرض مراقبة دولية في موضوع حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية على المغرب، في حين أن الآليات الضرورية لهذا الموضوع موجودة.






المجلس يقوم بدور رئيسي على شبكة الإنترنت للدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب


 المجلس حال دون منح وكالة ICANN اسم النطاق ".eh " لجبهة البوليساريو على الإنترنت
المجلس تملّك وفقا لقواعد ICANN اسم النطاق التاريخي لجبهة البوليساريو الذي كان يحيل إلى موقع www.rasd-state.ws 



خلال اللقاء الصحفي الذي انعقد في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، لم يفت السيد خليهن ولد الرشيد التأكيد على دور المجلس على شبكة الإنترنت لمواجهة الدعاية الموجهة ضد المغرب من قبل الجزائر وجبهة البوليساريو وحلفائهما، وذلك على أوسع نطاق عبر العالم من خلال اعتماده على مواقع إلكترونية بثماني لغات: العربية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية والألمانية والروسية والإيطالية والبرتغالية.


 وأشار ولد الرشيد خلال اللقاء إلى أن سكان مخيمات تندوف في الجزائر يزورون مواقع المجلس الستة، وهي:
 www.corcas.com , www.sahara-online.net , www.sahara-culture.com , www.sahara-villes.com , www.sahara-developpement.com , www.sahara-social.com


 وقد أمكن للمجلس، باعتباره ممثلا للصحراويين على شبكة الإنترنت، الوقوف دون انتداب اسم نطاق الإنترنت ".eh " لشركة كاتالونية كانت ستعمل لفائدة جبهة البوليساريو. وقد استغرقت هذه المعركة عدة أشهر في ردهات ICANN، والأيكان هي الهيئة الدولية المسؤولة عن إدارة أسماء نطاق الإنترنت ومعالجة الملكية الفكرية.


 ونجح المجلس ببراعة، ووفقا للقواعد التي تحددها الأيكان، في تملك اسم النطاق التاريخي لجبهة البوليساريو rasd-state.ws  بعد أن كانت الجزائر وجبهة البوليساريو وحلفائهما قد كرسوا في جميع أنحاء العالم، ولعدة سنوات، الموقع الرسمي للجمهورية الصحراوية الموهومة www.rasd-state.ws من خلال إيهام مستخدمي الإنترنت المبتدئين بأن اسم النطاق ".ws" يطابق اسم " Western Sahara " (الصحراء الغربية) بينما هو يخص " ساموا الغربية".


ويشرف المجلس بشكل يومي على تحديث مواقع الشبكات الاجتماعية الرئيسية بثماني لغات (فيسبوك وتويتر وغوغل+) إضافة إلى الشبكات الاجتماعية الرئيسية التي تتوفر على الفيديو (يوتيوب، ديلي موشن، فيميو) وكبرى الشبكات الاجتماعية المختصة في استضافة الصور (فليكر، بينتيريست، بيكاسا) .



كما يدير المجلس مئات المدونات والمنتديات ووسائل الإعلام الإلكترونية لمواجهة ادعاءات الجزائر وجبهة البوليساريو وحلفائهما.



وقد وضع المجلس العديد من التطبيقات الخاصة بالهواتف النقالة في ثماني لغات لنشر مقالات Corcas.com وكذلك التلفزيون والإذاعة الوطنية والجهوية. ويمكن تحميل هذه التطبيقات من غوغل بلاي وستكون متوفرة قريبا في أبل ستور.

 كما يعمل المجلس على صفحات ويكيبيديا للرد على الافتراءات والمزاعم التي تنشر حول قضية الصحراء.


وبالإضافة إلى المواقع المذكورة أعلاه، قام المجلس أو يقوم، من بين أعمال أخرى كالرصد الاستراتيجي، بالأعمال التالية على شبكة الإنترنت:

 - إنجاز موقع www.corcas.tv: وهو تلفزيون المجلس على الإنترنت، ويتضمن العديد من أشرطة الفيديو، حيث يتم ترجمة معظمها إلى اللغة الإنجليزية، وتسليط الضوء على أنشطة المجلس. ويتم تحديث هذا الويب تيفي كلما توافرت مقاطع فيديو جديدة تعيد تأكيد حق المغرب في صحرائه.


 - إنجاز موقعي   www.radio-sahara.com  و  www.tv-sahara.com : هذان الموقعان مخصصان للبث المباشر على الانترنت لبرامج إذاعة وتلفزيون جهة الصحراء (راديو الداخلة / العيون وتلفزيون العيون). وعلى سبيل التذكير، فإن المجلس هو أول مؤسسة مغربية توفر على الإنترنت البث المباشر للتلفزيون والإذاعة الوطنية والجهوية مع توفير الخدمة بنسبة 99.5 ٪. 


ويتابع عشرات الآلاف من المواطنين الصحراويين المغاربة نشرات الأخبار المسائية على  تلفزيون العيون على مواقعنا الإلكترونية. وعلينا أيضا التذكير بأن 80٪ من زوار مواقع المجلس شهريا هم زوار جدد. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المواقع تتعرض لهجمات يومية من قبل مستخدمين مجهولي الهوية في أنحاء متفرقة من العالم.
كما ينشر المجلس أيضا محتويات " Corcas.com " بأسماء نطاقات العديد من البلدان بما فيها فرنسا ( Corcas.fr ) والنرويج ( Corcas.no ) ....


علاوة على ذلك، ينشر المجلس مواقعه بشكل تجريبي في أسماء النطاقات المدوّلة (IDNs) في انتظار أن تقدم الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات على فتح شبكة الإنترنت في شهر سبتمبر 2014. وهكذا، فإن المواقع التالية نشرت بنجاح أثناء مرحلة الاختبار:
http://كوركاس.المغرب     
http://الصحراء-أونلاين.المغرب  
http://ثقافة-الصحراء.المغرب  
http://مدن-الصحراء.المغرب  
http://تنمية-الصحراء.المغرب 
http://مجتمع-الصحراء.المغرب 

وأخيرا، فإن المجلس يحرص على ضمان مطابقة مواقعه مع التغييرات غير المتوقعة في لوغاريتمات المرجعية ومحرك البحث غوغل وباندا وبانغوان.

  في ما يلي النص الكامل لعرض السيد الرئيس خليهن ولد الرشيد:

"الحكامة في الأقاليم الجنوبية والمكتسبات الجديدة في مجال حقوق الإنسان"

ممثل منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء: السيدات والسادة، الضيوف أعضاء السلك الدبلوماسي الممثل بالعاصمة، الزميلات والزملاء الصحفيات والصحفيين، نستضيف اليوم في ملتقى اليوم بمنتدى وكالة المغرب العربي للأنباء السيد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية الذي سيحدثنا في موضوع على قدر كبير من الأهمية وهو موضوع "الحكامة في الأقاليم الجنوبية والمكتسبات الجديدة في مجال حقوق الإنسان". هذا الموضوع يكتسي راهنية في خضم الدينامية والحركية التي تعرفها حقوق الإنسان بالمغرب بصفة عامة، بما فيه الأقاليم الجنوبية بالمملكة، وكذا في أفق تصويت مجلس الأمن الدولي على تمديد مهمة المينورسو في هذه الأقاليم. وهي مناسبة يتجدد فيها النقاش حول ماذا تحقق من منجزات في هذه الأقاليم ومدى التقدم الذي عرفته على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا النقاش يحيلنا كذلك على نموذج التنمية المطبق في هذه الأقاليم على اعتبار أن حقوق حقوق الإنسان هي حقوق تتسم بالشمولية وتشمل كافة مناحي الحياة وكافة المجالات التنموية وليس فقط الحقوق السياسية. 
وفي هذا الصدد، وجب التذكير بالتقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية والذي حدد أحد أهدافه في إقرار رؤية ومبادرات تشاركية وإدماجية مستندة إلى حكامة مسؤولة. 
السيد خليهن مرحبا بكم، نود في مستهل اللقاء أن نعرف تقييمكم لهذا النموذج التنموي المقترح وما هي التحولات التي تعتبر في نظركم ضرورية من أجل إطلاق دينامية حقيقية مبنية على التعاون والتضامن الاقتصادي وتوطيد العلاقات الاجتماعية في الأقاليم الجنوبية. ما هي الجوانب المتعلقة بتعويض السياسات الاجتماعية الحالية باستراتيجية مندمجة للتنمية البشرية، وتلك الخاصة بالقطع مع استراتيجية المدى القصير واعتماد مبادئ وضوابط الاستدامة وفك العزلة عن الأقاليم الجنوبية، فضلا عن كسب رهان الجهوية المتقدمة.
قبل أن أعطي الكلمة للسيد خليهن ولد الرشيد، أود أن أذكر السادة الحاضرين بأن هذا الملتقى يندرج ضمن سلسلة الملتقيات التي تنظمها وكالة المغرب العربي للأنباء منذ شهر مارس الماضي بهدف إلقاء الضوء على الخطوات التي قطعها المغرب في مجال حقوق الإنسان. السيد خليهن لكم الكلمة. 
  
السيد خليهن ولد الرشيد: أود في البداية أن أتقدم بالشكر الى وكالة المغرب العربي للأنباء على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في هذا المنتدى حول موضوع الحكامة في الأقاليم الجنوبية والمستجدات في ميدان حقوق الانسان. وأود في البداية أن أتكلم عن أنواع الحكامة التي تتبعتها المملكة المغربية منذ استرجاع هذه الاقاليم في 1976 في ما يتعلق بالساقية الحمراء وبعد ذلك في 1979 فيما يتعلق بإقليم وادي الذهب. كانت الاولويات والأسبقيات تختلف حسب الفترات التي عرفتها هذه القضية، بحيث أنه في عام 1976، كانت الأولوية أساسا هي استتباب الأمن أولا ثم بعد ذلك النظر الى وضعية المنطقة التي تم استرجاعها بحيث أن الصحراء لم تكن تتوفر تقريبا، إلا نادرا، على أي نوع من انواع مقومات التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية او الثقافية. وكان التحدي الأساسي المطروح امام الدولة هو كيف يمكن رفع مستوى هذه الأقاليم التي عانت من الاستعمار لمدة لا يستهان بها لكي تلتحق بالركب الوطني في كافة المجالات وفي ظروف صعبة جدا. 

ولهذا بدأت الدولة على فترة ممتدة من الزمن لإنجاز البنية الأساسية التحتية التي لولاها ما وصلنا الى ما نتكلم عنه حاليا وهو بناء الطرق الطويلة وشبكة الموانئ وشبكة الكهرباء وشبكة المياه والشبكات السلكية واللاسلكية وجميع المنظومات الاخرى المتعلقة بالصحة والتعليم والمنظومة الاجتماعية والسكنية، أي بناء مقومات كاملة الجوانب. وكانت هذه الفترة تسمى فترة الاندماج والتنمية، أي أنه كان من الضروري أن تستثمر الدولة في الصحراء لتلتحق بمستوى الذي كانت البلاد بلغته حينئذ. وبطبيعة الحال يمكن ان نعتبر بأن هذه الفترة كانت تتسم في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية بمجهود جبار، ولكن كذلك كان له تأثير على حقوق الإنسان، لأن حقوق الإنسان متنوعة ومختلفة ولها جوانب متعددة. 

وكانت سنة 1976 لأولوية حقوق الإنسان وكانت أساسا في توفر الحد الأدنى من مقومات الحياة العصرية للمواطنين. في بعض الأحيان، في السمارة مثلا، كانت حقوق الإنسان متوقفة على توفير الماء الصالح للشرب قبل كل شيء، قبل الكهرباء وقبل النقل وقبل السكن. إذن الأولويات تختلف حسب المدة والفترة والزمن. وتعتبر هذه الفترة التي عرفت استثمارات مهمة ومجهودات امتدت من 1976 إلى نهاية التسعينات فترة مشرقة في تاريخ استرجاع الصحراء. وبفضل تلك الجهود المبذولة في ذلك الوقت نرى اليوم أجيالنا التي تسيّر شؤون الصحراء على جميع المستويات من منتخبين على المستوى المحلي والوطني، ومن أطر في مختلف أسلاك الدولة ورجال أعمال ومسيري جمعيات المجتمع المدني، هي وليدة تلك الفترة بحيث أن 80 في المائة من سكان الصحراء هم أجيال سنة 1976 و1980 وبداية التسعينات، هؤلاء هم منتوج هذه الفترة، منتوجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وأنا حين أتكلم عن افتقار المنطقة لهذه المقومات الاقتصادية والاجتماعية لا أريد التجني على إسبانيا مثلا أو الانتقاص من دورها او المبالغة في الأشياء، لا، إسبانيا أثناء وجودها في الصحراء والظروف التي كانت موجودة فيها كانت كلها ظروف لم تسمح بأن تتمكن إسبانيا من تنمية تلك المنطقة، لأنه في البداية منذ 1884 كان وجود إسبانيا وجودا رمزيا تقريبا وانحصر على استغلال الثروات السمكية من بعيد، ثم بعد ذلك جاءت الحرب الأهلية الإسبانية التي جعلت كذلك أن إسبانيا تقريبا الى الخمسينات لم تهتم بهذه المنطقة لأنها كانت مهتمة بإعادة بناء الدولة الإسبانية ولم تهتم بهذه المنطقة إلا بداية السبعينات بإنجاز منجم فوسبوكراع، ولكنها لم تنجز التجهيزات الأخرى الضرورية.

ولهذا كان من واجبات المملكة المغربية عند الاسترجاع ومن الحقوق الأساسية ومن مسؤوليات الدولة الأساسية أن تبذل كل جهد لجعل هذه المنطقة تتوفر على مقومات القرن العشرين. وفعلا تم ذلك. ولهذا حينما أتكلم عن الأجيال الموجودة حاليا فإنها نتيجة المجهود التربوي الكبير، نتيجة هذا العمل الجبار الذي تم ما بين سنة 1996 ونهاية التسعينات، لأن المنظومة الوطنية لم تبدأ بإعطاء نتائجها إلا بأول دبلوم باكلوريا في عام 1987 حيث كان الدخول المدرسي قد بدأ في 1976. 
ثم بعد ذلك حينما تم انشاء هذه التجهيزات والمنظومات والمؤسسات، بدأ بطبيعة الحال ظهور مجتمع جديد نتيجة لهذه التحولات، مجتمع يختلف تماما عن المجتمع الذي عُرف في فترة الاستعمار ويختلف تماما عن مجتمع الممارسات السابقة. لقد أصبح مجتمعا عصريا ومتحضرا لأن السكان انتقلوا كلهم للسكن في المدن، لم يبق تقريبا اي أحد  يعيش في البادية، الجميع أصبح متمدرسا والمرأة كذلك ولجت الى المنظومة المدرسية وأصبحت مساهمة بقدر أكبر في تنمية المجتمع. 

أقول هذا الكلام لأن الجيل الذي أنتمي إليه وهو الجيل الذي عرف الاستعمار. كنا نعرف الصحراء بشكل مغاير ليس هو الشكل الذي يراه المواطنون اليوم. الجيل الأول الذي تعلم في فترة الاستعمار هو جيل يعد على أصابع اليد، قليل جدا، كنا في مدريد ثلاثة طلبة جامعيين والعدد الثاني كان على الأكثر عشرة طلبة في جامعة لالاغونا في تينيريفي في جزر الخالدات ولا شيء أكثر. فترة التنمية هذه فتحت الآمال امام آلاف الناس، كما أن الحركة الاقتصادية التي كانت منحصرة على تجارة عادية، إما الاستيراد العادي او المداولات التقليدية، تغيرت وأصبح هناك جيل من رجال الأعمال العصريين الذين أنشأوا المصانع بفضل البنى التحتية الجديدة ويتعاملون بطرق عصرية كما يتعامل غيرهم في العالم. كل هذا المنتوج البشري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي هو نتيجة هذا المجهود التأسيسي الأصلي الذي بنى اللبنات الأساسية لانطلاقة الصحراء في جميع الميادين الاقتصادية.

ولم تكن الأولوية في هذه الفترة كثيرا الى الجوانب السياسية من قضية الصحراء، كما قلت كانت أساسا كان استتباب الأمن في كافة ربوع الصحراء وآخر عملياته تم في 1987 وكذلك قرار النهوض بالأوضاع التي لم تكن إيجابية من قبل. ثم بعد ذلك، جاءت فترة يمكن أن نسميها فترة رمادية، يعني فترة كانت فيها التوجه إلى قضية الصحراء غير واضح من الناحية السياسية، لأن الأمم المتحدة فشلت في عملية تحديد الهوية وآفاق الحل اصبحت غامضة، وكأنما في هذه الفترة تجمدت الأشياء، ولم تتوضح كثيرا حتى اعتلى الملك محمد السادس عرش المغرب في سنة 1999. 
وبدأت أول العمليات السياسية تتعلق بالنظر في قضية ذوي الحقوق، وخاصة حقوق السجناء السياسيين. وهذه القضية كانت حساسة في المنطقة، خصوصا بالنسبة لأصحاب قلعة امكونة. وقد وقع فيها انفراج كبير حينما تم تعويض هؤلاء الناس والاعتراف بالحيف الذي وقع اتجاههم. 

هذا أول انفراج بدأ في الفترة الثانية من الحكامة، حكامة سياسية والتوجه إلى مقاربة لإيجاد حل للخروج من المنطقة الرمادية إلى منطقة أكثر وضوحا في استراتيجية المملكة المغربية اتجاه قضية الصحراء، ليس محليا فقط، بل بصفة عامة لحل النزاع بصفة شمولية. 

هنا سيقع التغيير الجذري فيما يتعلق بالقرار الذي اتخذه جلالة الملك، وهو قرار تاريخي وجريء حينما انسدت كل الآفاق: فشلت الأمم المتحدة في تحديد الهوية، فشلت جميع الوساطات التي كانت قائمة مع الجزائر، فشلت جميع اللقاءات التي كانت جرت مع جبهة البوليساريو في فترات من التاريخ، ولم يبق هناك أي أمل لإيجاد حل لهذا النزاع، وإنما كأنه استقر على وضع لا هو في وضعية الحل ولا هو بدون حل، استقر في وضع خطير لا ينبئ بتطور إيجابي في المستقبل. 

هنا في هذه الفترة، ونحن وصلنا إلى نهاية 2005 وبداية 2006، وقع التحول الذي هو من وجهة نظري يعتبر التحول الأساسي بعد المرحلة الأولى، وهو قرار جلالة الملك منح حكم ذاتي كمخرج لقضية الصحراء ووضع حد نهائي للنزاع. وفعلا هذه هي أول مقاربة سياسية شاملة تعطي حلا لجميع الأسئلة المطروحة، الحل أولا بالنسبة للمملكة التي حددت بالضبط ما هو الهدف -والمهم حينما نتكلم عن الحكامة وهي كلمة عصرية لم تكن موجودة سابقا في الثقافة الاسلامية والعربية ولكن هناك الحكم والحكمة اي أن الحكامة هي تقريبا الحكم الذي يؤدي إلى حلول حكيمة-. وأول مرة تقدم المملكة رؤية شاملة، رؤية أولا  لما هي مطالب المملكة، ماذا تريد بقضية الحكم الذاتي. أصبحت المملكة تقول إنها تريد أن يُشهد لها بأن الصحراء أرض مغربية وأن الحكم الذاتي سيقام تحت السيادة المغربية وحفاظا على السيادة المغربية.

ثم بعد ذلك فتح باب لأصحاب القضية، إما أصحاب القضية المساندين لمغربية الصحراء، وهم الأغلبية المطلقة، أو أصحاب القضية المنضوين تحت جبهة البوليساريو الذين يطالبون بالانفصال. والحكم الذاتي جاء ليعطي حلا لمطالب، هي من جهة جزء من أسباب النزاع، والمطالب التي هي مطالب مشروعة تتعلق بحق منطقة ما في أن يكون لها الحق في تسيير شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن بطريقة مضبوطة ومعايير مضبوطة لا تجعل لأي طرف أي مجال للشك أو التأويل. 

ولهذا كانت هذه المبادرة مفاجأة بالنسبة للصحراويين أولا، كلهم أينما كانوا، الموجودين في المنطقة، الموالين للمغرب، الموجودين في مخيمات تندوف والمطالبين بالانفصال. كانت مفاجأة للجميع أن يوضح المغرب فجأة رؤيته واستراتيجيته وخطته ويصبح له مشروع. وكانت مفاجأة للمجتمع الدولي الذي لم يكن يثق كثيرا في مقاربة المغرب لقضية الصحراء وكان يشك في قدرة المغرب على رسم خطة ذات معالم واضحة. وكانت بالأساس مفاجأة كبيرة لجبهة البوليساريو والجزائر، لأن النقاش في السابق، منذ 1983 في لقاء المرحوم صاحب الجلالة الحسن الثاني والمرحوم الرئيس الشاذلي بن جديد في الحدود بوجدة، كان نقاشا حول حل للقيام بهذا أو ذاك...دون أن يتجاوز ذلك نطاق النقاش. هنا أصبح الموضوع ليس مجرد نقاش أو قضية نظرية أو أكاديمية، بل أصبح مشروعا سياسيا دبلوماسيا تتبناه دولة عضو في الأمم المتحدة وتقوله بطريقة واضحة وبنته على أسس واضحة المعالم كذلك. 

حينما خرج هذا المقترح الملكي التاريخي تغيرت المعادلة بالنسبة للذين كانوا يظنون أن المغرب دولة ضعيفة لا تستطيع ان تتصور استراتيجية من هذا النوع والذين كانوا يظنون أن الحكم الذاتي هو أساسا من ممارسات الدول المتقدمة العريقة ديمقراطيا وبأن دول افريقيا لا يمكن أن تتبنى مشروعا كهذا. تم استقبال هذا المشروع بطريقة متفاوتة، أولا الصحراويون بصفة عامة رحبوا بهذا المشروع بشكل ايجابي جدا، لأن الصحراوي تاريخيا بمن فيهم صحراويو البوليساريو كلهم، لا يوجد صحراوي واحد يشك ويخالف هذا الأمر. كل الصحراويين لديهم ارتباط من ناحية الأهل أو القبيلة أو العائلة القريبة بالمغرب ولا يوجد لديهم أي ارتباط مع الجهات الأخرى المتحالفين معها حاليا. 
كل الصحراويين يعلمون هذا الأمر وهذا ليس بخفي على أحد، لكن الموضوع يظل كامنا في الإشكالية السياسية: كيف سنحول مطالب كانت لدى مجموعة من الطلاب في جامعة الرباط وتطورت بفعل تأثيرات مختلفة، منها ما هو مغربي ومنها ما هو دولي، ومنها ما لم يكن متحكما فيه، لا من قبل المغرب ولا من قبل دول أخرى. بغض النظر عن هذا، كل الصحراويين يرون بأن الحكم الذاتي حل مرضي بالنسبة لهم والمغرب دولة عظيمة تعرف كيف تستدرك الأمور وتصلح ما فات من هفوات وتجاوزات وأخطاء، وبأنها قادرة على القيام بالمصالحة مع الماضي. وهذا هو المطلب الأساسي الذي كانت تنشق منه المشاكل الأخرى، السياسية والأمنية والفكرية.. 

وبالنسبة للخارج كانت المفاجاة تتمثل في أن الدول كانت منقسمة الى دول ضد المغرب والتي اعترف جزء منها بجبهة البوليساريو ودول تساند المغرب بدون شروط، ولكنها اصبحت تتململ بسبب عدم إيجاد حل لهذه القضية وأصبح بعضها صعب الإقناع بأن للمغرب نية صادقة في حل قضية الصحراء، وبأنه قادر على تقديم الحل اللازم. 

إضافة إلى ردود الفعل المتنوعة حول مشروع الحكم الذاتي وقرار جلالة الملك منح حكم ذاتي للصحراء، كلف الملك مؤسسة صحراوية لإنجاز مضمون الحكم الذاتي، وهذه كذلك تعد سابقة. والطريقة التي تم بها إنجاز الحكم الذاتي دفعت مجلس الأمن في قراره الأول 1754 إلى وصف المشروع بأنه مشروع جدي وواقعي وذو مصداقية. وهذا أول إنجاز للمملكة المغربية على صعيد مجلس الأمن في ما يتعلق بجدية وأهمية السياسة الجديدة لمقاربة قضية الصحراء. صعب جدا أن يعترف مجلس الأمن لمشروع بأنه جدي، أي أنه ليس عبثيا، وبأنه واقعي يدرس كل الاحتمالات الموجودة، وبأنه ذو مصداقية أي قابل بأن يكون مرضيا لجميع الأطراف التي لها مطالب. مرضي أولا للمغرب، لأنه يعترف له بالسيادة المطلقة والتامة ويعترف بالوحدة الترابية، وبأن المغرب دولة واحدة موحدة من طنجة إلى لكويرة ولكن هناك منطقة لها خصوصيات سوف يطبق فيها الحكم الذاتي. وها هي الاختصاصات التي ستطبق وما للدولة للدولة وما لمنطقة الحكم الذاتي لها ولا مجال للشك والمجادلة أو مشاكل مستقبلية. كل الأطراف تجد ما تطالب به في هذا المجال. 

ما أن تم إقرار مشروع الحكم الذاتي حتى ترتبت عنه انفراجات سياسية حقوقية عديدة، ومنها العفو الذي أصدره جلالته لفائدة من تبقى من المعتقلين السياسيين الستة والأربعين في ابريل 2006، وتم نوع من الاتفاق المكتوب بين جميع الاطراف بان حرية الرأي وحرية التصرف السياسي وحرية التنقل مكفولة للجميع. قمنا بالاتصالات مع الجميع، المنتمين للبوليساريو وغير المنتمين له، من الداخل ومن الخارج، فلم تبق هناك دواعي للتشنج وللاختلاف، ولكن هناك قواعد وشروط يلتزم بها الجميع. ومن يريد ان يعبر عن شيء او يكتب او يسافر الى أي مكان أو يعلن تعاطفه مع ألف أو باء فله ذلك ولكن مع احترام شرط أساسي هو عدم اللجوء إلى العنف والمساس بالقوانين المغربية الجاري بها العمل في المنطقة، مما يعني أنه لا يمكن اللجوء إلى المطالبة بالانفصال ولا اللجوء إلى المطالبة بالهيئات التي تطالب بالانفصال. ما دون ذلك مكفول للجميع وهذه العملية نجحت، وخرج الناس من السجن وعبروا عن آرائهم في كل مكان ولم يبق موضوع حقوق الإنسان مطروح في الصحراء.

وشهدت الصحراء فترة ذهبية بعد الحكم الذاتي في الميدان السياسي والاقتصادي، وتم اقامة نظام جديد خارج عن نظام الأمم المتحدة التي -عن طريق مفوضية اللاجئين- بنت في نهاية 2005 منظومة تسمى بمنظومة آليات الثقة، وأهم هذه الآليات تمثل في عملية الزيارات المتبادلة بين المخيمات والمنطقة، لكن الميزانية المخصصة من طرف الأمم المتحدة تتسم بمحدودية الأعداد وتتم في إطار أممي معين يلزم هذا الطرف وذاك الخ. منذ 2006 بدأت عملية موازية وهي أهم بكثير، لأنها ضاعفت عدد الزيارات، فكل من يملك جواز سفر إسباني يمكن له أن يأتي إلى المنطقة بدون سؤال وأن يستثمر ويستعيد ممتلكاته إذا كانت له ممتلكات وأن يزور عائلته بدون قيد أو شرط وأن يفعل ما يشاء، ومن كان له جواز سفر جزائري أو موريتاني يتمتع بنفس الأشياء. وقد أصبحت عملية بناء الثقة هذه موازية للعملية التي تشرف عليها الأمم المتحدة بل أهم بكثير منها وأوسع منها. ولا تزال هذه العملية مستمرة إلى يومنا هذا. وقد سمحت هذه العملية للناس من مستويات مختلفة، بمن فيهم من جبهة البوليساريو، زيارة أهلهم واسترجاع ممتلكاتهم التي كانت في العيون أو السمارة أو الداخلة أو بوجدور وأن ينظروا الى الاشياء بطريقة مختلفة. 

الآن بلغنا فترة جديدة في إطار مسلسل المفاوضات حيث عرض المغرب على الأمم المتحدة بأن تقيم مسلسلا أمميا على أساس مشروع الحكم الذاتي وتبين انه لم يؤد الى حل المشكل، وذلك راجع الى ان جبهة البوليساريو والجزائر لا يريدان التفاوض على الحكم الذاتي وإنما يريدان التفاوض من أجل هدفين اثنين: الاول هو محاولة الرجوع الى مسلسل تحديد الهوية أو على الاقل -اذا لم يتم ذلك- الرجوع الى مشروع يشبه مشروع بيكر او ما يمكن ان يكون بيكر 3 ...أي ما لن يفضي إلى الاعتراف بالسيادة المغربية ويخالف تماما هدف المغرب. الهدف الثاني هو تمييع المفاوضات وتطويلها حتى يموت المشروع المغربي ويتم إيجاد بديل آخر مبني على مقاربة جديدة ومعطيات أخرى...نحن الآن نعيش هذا الوضع. 

هنا السؤال المطروح على المغرب يتوضح في الخطابات الثلاثة لجلالة الملك في 2013، خطاب العرش وخطاب 20 غشت وخطاب عيد المسيرة الخضراء في 6 نوفمبر. جلالة الملك قال كلمة مهمة جدا في هذه الخطابات الثلاثة هي أن المغرب لن يبقى مكتوف اليد أمام تهرب الأطراف الأخرى لإيجاد حل توافقي. ويعني هذا بالتفسير السياسي أن المغرب تنازل عن الاندماج التام وأنه يجب على الأطراف الأخرى أن تتنازل عن الانفصال، وهذا هو الحل التوافقي، اي التفاوض حول الحكم الذاتي الذي هو حل وسط يرضي الطرفين، ويرضي كل الأطراف ويرضي الأمم المتحدة كذلك، حل لا غالب ولا مغلوب فيه.

ولكن الأطراف الأخرى لا تريد هذا، بل تتماطل إما للحصول على حل أفضل أو لإجهاض المشروع المغربي. بالنسبة لهذه العملية الموجهة لإجهاض المشروع المغربي، كد جلالة الملك كما سبق وأشرت بأن المغرب غير مستعد ولن يستمر في تقييد نفسه إزاء إجراءات أحادية الجانب. وفي هذا الاطار تمت مصادقة جلالته على مشروع النموذج التنموي الذي يتوخى إعطاء نموذج تنموي اقتصادي واجتماعي وسياسي للحل المغربي. والمغرب بعد سبع سنوات تقريبا من المفاوضات بدون نتيجة، من حقه أن يتخذ كل الإجراءات التي يراها مناسبة للدفاع عن مصالحه الأساسية، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات الأحادية التي تجعل الأطراف الأخرى أكثر جدية أو تكون أكثر جنوحا لأن تتفق في إطار الأمم المتحدة. 

نرى إذن بأن المغرب انتهج حكامات متتالية ومختلفة حسب الفترة الزمنية والتاريخية، وحسب إلحاح المشكل الدولي والمحلي وحسب المعطيات والظروف المؤثرة في سياقات معينة. نحن الآن في مفترق طرق لأننا جربنا كل شيء. جربنا النزاع المسلح الذي انتصرنا فيه بالمناسبة، وجربنا التحدي المتعلق بالتنمية الاقتصادية ونجحنا فيه، وجربنا الجرأة لإيجاد حل والمغرب نجح باقتراحه الحكم الذاتي، وجربنا التفاوض مع الخصم، وتفاوضنا معه. والحقيقة أن الخصم إلى حد الآن، وأنا آسف لقول ذلك، لم يكن في المستوى الذي يتطلبه التاريخ لإيجاد حل لهذه القضية عن طريق التفاوض. هذا لا يعني بأنه لا يوجد حل بلا تفاوض، بل هناك حلول بدون تفاوض.

ولكن مع الحلول بدون تفاوض لن يكون هناك لا غالب ولا مغلوب، بل هناك غالب وهناك مغلوب. وهذه الحلول موجودة في العالم، والأمم المتحدة نفسها ساهمت في هذا النوع من الحل، وخاصة الحل المتعلق بأنغولا في 1994 و1995 حينما راقبت الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن المفاوضات بين MPLA (الحركة الشعبية لتحرير أنغولا) وحركة UNITA "يونيتا" (حركة الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنغولا) بهدف تقاسم الحكم بمصادقة مجلس الأمن، ولكن يونيتا رفض اقتسام الحكم فساند مجلس الأمن الحكومة في مطاردة يونيتا حتى انهزمت ووقع تصالح مفروض بقوة الواقع في أنغولا التي تعد اليوم من أهم القوى الصاعدة في افريقيا على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري.

في قضيتنا كذلك، إن لم نجد حلا دبلوماسيا في إطار مجلس الأمن يكون مبنيا على الواقعية والتوافقية والحنكة السياسية والدبلوماسية، لا شك بأن المغرب سينتصر على خصمه لا محالة كما سبق له أن انتصر في الفترات الماضية والتي لم تكن أقل خطورة. 


 ( خبر يهم ملف الصحراء الغربية/ الكوركاس)  
  

----------------
فقرة الأسئلة 

شكرا السيد خليهن ولد الرشيدعلى هذا العرض القيم، وأفتح لائحة المتدخلين لطرح الأسئلة.


سؤال: عرضكم السيد الرئيس شامل وكامل، إنه عرض شيق. وسؤالي ما هو الدور الذي لعبه المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في الداخل والخارج منذ تعيينكم؟



جواب السيد خليهن: منذ 2006 هذا سؤال متأخر، أقصد أنه لا يمكن أن نبدأ العملية من البداية. المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية لعب دورا أساسيا ولا يزال، وأقله مؤخرا في ستراتسبورغ. أولا المجلس عينه صاحب الجلالة وجعله مؤسسة ملكية تابعة له وكلفها بإنجاز مشروع الحكم الذاتي والذي -كما قلت- وصفه مجلس الأمن بالجدية والمصداقية، وكذلك نقوم بمهام أخرى موازية كذلك. أولا المهام الاقتصادية الجبارة التي قام بها المجلس في جميع الميادين وأهمها وأكبرها هو وضع حد لظاهرة المخيمات والسكن غير اللائق بمشروع جبار وكبيرا جدا جعل المدن اليوم تخلو من هذا النوع من السكن. وكذلك القيام بعدد من الآليات التي حلت عشرات القضايا العالقة منذ 1976 والتي كانت تساهم بجزء كبير في التأزم السياسي والمشاكل المتعلقة بالفوسفاط على سبيل المثال. وسأورد مثالا واحدا حتى لا نطيل في هذا الموضوع.

ساهم المجلس في حل قضايا كثيرة تخص هذا الموضوع، ساهم مع الدولة في كل القضايا المرتبطة بإقناع الناس غير المقتنعين كثيرا والهيئات الدولية وخصوصا إقناع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فمجلسنا هو جزء منه تقريبا لأنه يشارك ثلاث مرات في السنة لمؤازرة الدولة في معركتنا أمام لجنة حقوق الإنسان والحمد لله تمر كل سنة بخير. نشارك كذلك في اللجنة الرابعة والعشرين التابعة للجنة الرابعة للأمم المتحدة والمتعلقة بالمناطق غير المتمتعة بحكم ذاتي في العالم وهي معركة كذلك مع الخصوم. ثم آخر مساهمة للمجلس تمت في ستراسبورغ الاثنين الماضي حيث خضنا معركة مع مجلس أوروبا حول القضية الوطنية.

المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية هو مجلس سحري كلما احتاجته الدولة للمؤازة، زيادة على معركتنا اليومية عن طريق الانترنت، فعندنا مجموعة من الصحفيين المتخصصين بلغات متعددة. وأنا أدعوك لتراجع مواقعنا الالكترونية بثمانية لغات التي تواجه يوميا البوليساريو والجزائر للدفاع عن القضية الوطنية. البوليساريو كانت مسيطرة على الانترنت قبل إنشاء المجلس وكان حتى المغاربة في الشمال يتابعون مواقع الجبهة في الانترنت. نحن كسرنا هيمنة البوليساريو على الانترنت وهذه معركة يومية نقوم بها بدون دعاية. وشكرا


سؤال: أولا في البداية أود أن أتوجه إلى وكالة المغرب العربي للأنباء بالشكر خصوصا مساهمتها في فتح نقاش عمومي حول هذا الموضوع الوطني بمحاولة ترجمة الإجماع الوطني إلى مبادرات ميدانية. السيد الرئيس، لن أناقش الشق السياسي لأني أعتقد أن معاتبة الملك للأمين العام الأممي حسمت إلى حد بعيد جدا الموقف الرسمي للمملكة المغربية في ما يخص التطورات المرتقبة حاليا وتقرير الأمين العام الأممي ليوم 17 ابريل المقبل. أثارتني قضية تعريفكم للحكامة وأتفق معكم إلى حد بعيد بان المصطلح جديد ولكن ما أثارني جدا هو وصفكم لها بالتدبير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمملكة منذ استرجاع الأقاليم الجنوبية ووصفكم هذه الحكامة بالظرفية. ألا تتفقون معي أن الإشكال اليوم في المناطق الصحراوية هو إشكال التدبير الاقتصادي والاجتماعي منذ استرجاع هذه الأقاليم آنذاك. المشكل اليوم الذي أنتج مخيم اكديم ايزيك ليس بالضرورة مشكلا سياسيا وقد تم الركوب عليه وتوظيفه، هذا نقاش آخر. ولكن المشكل اجتماعي واقتصادي. ونحن كمغاربة وصحراويين اليوم يجب أن نعي أنه كانت هناك اختلالات كبيرة في تدبير هذا الملف وأنتج ما أنتج، أثرياء حرب، فقر، ومجموعة من الأمور التي تنعكس الآن سلبا على الجو العام في الأقاليم الصحراوية من خلال التشنجات. كما أعتقد أنه بالنسبة لمعركة الانترنت من الأفضل أن نربح المعركة ميدانيا في الأقاليم والأزقة والشوارع. 
وأنتم تفضلتم السيد الرئيس وقلتم إن الخصم يحاول الآن إفراغ الحكم الذاتي من محتواه من خلال إطالة أمد النقاش، أقول ما المانع اليوم، وهو سؤال طرحته من قبل على السيدة الوزيرة، ما المانع اليوم من أن ينفذ الجزء التنموي والاقتصادي المضمن في المشروع الذي يتيح لأبناء الصحراويين تدبير شؤونهم بأنفسهم، ليس بالضرورة بنفس الشكل الذي كان في السبعينات، بل بشكل ديمقراطي وبحكامة حقيقية ومساهمة حقيقية. شكرا.


جواب السيد خليهن: أولا المجلس ليس مكلفا بتسيير الأقاليم الجنوبية حاليا. المجلس استشاري لدى جلالة الملك ولسنا مسؤولين عما يقع في المنطقة، لكن أقول لا يوجد لحد الآن نظام خاص بالصحراء. الصحراء هي جزء من أقاليم المملكة المغربية تُسيّر حسب ما تسير به الأقاليم الأخرى. هناك سلطات ترابية وسلطات منتخبة. الحكم الذاتي أو النموذج التنموي الذي نتكلم عنه لم يأت بعد. وأما الحكامة التي تكلمت عنها فلا يمكن أن نحكم اليوم بنفس الحكامة التي تمت في الماضي. ذلك الماضي له ظروف معينة وأسباب وشروط وإمكانيات معينة لا من الناحية السياسية ولا من نواحي أخرى، إلا أنه أقول إن الحكامة التي يجب أن تكون ليست هي فقط الحكامة الإدارية والاقتصادية. لا، الحكامة فيها جزء آخر مهم. أنا قلت الحكم الحكيم أي أن الحكامة يجب أن تكون تدبيرا للموارد بشكل عقلاني وبشكل يحقق الأهداف المرسومة، أهدافا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وتعطي مردودية بالنسبة للمعني بالأمر. والمعنيون بالأمر هم السكان.

يجب أن يكون لكل سياسة مردود مرضي للناس، فإذا كانت تهم حقوق الإنسان يجب أن تكون حقوقا مرضية، وإذا كانت حقوقا اقتصادية أو اجتماعية يحب أن ترضي الناس الذين لديهم مشاكل اقتصادية أو اجتماعية، طبعا ليس مائة في المائة لأن البشر بصفة عامة لا يستطيع أن يكون كاملا فالكمال لله وحده. لحد الآن لم يطبق أي شيء بعد، لا حكم ذاتي ولا نموذج الجهوية الموسعة. إذن فنحن لا زلنا لم نحدد بعد. الكلام عن المشاكل والقضايا الموجودة هو نفسه الذي يمكن أن يقال عن الخميسات ووجدة وجهات أخرى. 

ليس هناك أغنياء حرب في الصحراء. بل هناك أغنياء التهريب الذي أفسد المنطقة لأن الصحراويين ليس لديهم امتيازات، بل الامتيازات أعطيت للجهة وللقاطنين بها، كان مغربيا أو من أي بلد افريقي أو من إسبانيا...كل من يقطن في المنطقة له امتيازات، فليس مكتوب على أكياس الدقيق أنها موجهة فقط للصحراويين أو أن هذا البنزين للصحراويين.. بل للجميع. هذا الوضع الراهن هو وضع ترتب عن التهريب والفساد وترتب عنه أغنياء حرب وهم ليسوا بأغنياء حرب الذين تكون لديهم أهداف وحرب بل هم أغنياء تهريب.

الحكامة التي ننشدها وينشدها الجميع وتنشدها الدولة هي الحكامة التي تتحقق فيها العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد والازدهار والرخاء والرقي. لا شك بأنها لم تكن ممكنة من قبل. ففي الماضي كان المشكل القائم هو مشكل الماء الصالح للشرب والكهرباء والمدرسة الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية والطرقات والموانئ. ولولا إنجاز الموانئ لما شيدت الطبقة الصناعية مصانع تصدّر وتأتي بالعملة الصعبة للدولة، بمعنى أنه لا يمكن أن نلخص الزمن في فترة معينة، فالزمن هو استمرارية تتم عبر مراحل. والمغرب اجتاز عدة مراحل. وقد صرنا الآن ناضجين وعلى استعداد لكي تجرب منطقة الصحراء الحلول التي ترتئيها الدولة. 


سؤال: لدي سؤالان: السؤال الأول: جماعة البوليساريو انهزمت ميدانيا وعسكريا وسياسيا، والآن تلعب ورقة حقوق الإنسان. نحن عشنا فترة الإنصاف والمصالحة وتطورنا إلى حد ما مقارنة مع المحيط. لكن لماذا مثلا، المجلس وكذا الذين رفضوا أطروحة الاستعمار الإسباني أو أطروحة الاستخبارات العسكرية الجزائرية ومؤسسي البوليساريو  العائدين وكل النشطاء، لماذا لم تقوموا بعملية استباقية لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل روبرت كينيدي وغيرها أو نيويورك، أم أن هذا تقصير منكم؟ 
السؤال الثاني: في المغرب جغرافيا متعددة من جبال وسهول إلى الصحراء، في الجزائر هناك صحراء وفي ليبيا وفي العربية السعودية وفي باكستان وفي الهند حتى أمريكا واستراليا. لماذا بالضبط في المغرب يتحدث العالم عن شعب صحراوي ولا يتحدثون عن الجزائر أو ليبيا أو غيرهم من الدول. لماذا لم يكن هناك نوع من الصراع الفكري حول هذه القضية بالضبط؟


جواب السيد خليهن: بالنسبة لي لا وجود لمشكل حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية. حقوق الإنسان المقصودة هنا ليست بحقوق الإنسان المعترف بها لدينا، وهذا يعني بأن حقوق الإنسان مكفولة للمواطن: له الحق في الرأي والتنقل والانتماء للمنظمات القانونية المعترف بها دستوريا، ولكن لا يوجد حق من حقوق الإنسان معترف به لدى الأمم المتحدة- ويتحدث عنه الأجانب- اسمه حق الانفصال أو حقوق الإنسان المتعلقة بالانفصال. لكن الأمم المتحدة تطالبنا بأن يُسمح للناس برفع أعلام البوليساريو في السمارة وبوجدور وأمام عمالة العيون وبأن يطالبوا بانفصال الصحراء عن المغرب. 
من له حقوق مهضومة او عنده تظلم توجد هيئات لهذا الغرض. وإذا كان هناك أحد مظلوم أو مضطهد وجب على الدولة والمؤسسات الوطنية أن تراعي قضيته وتعطيه حقه. ولكن الحقوق التي يتكلمون عنها هي حقوق الانفصال. والذين يقولون إن المجلس والصحراويين عليهم أن يقوموا بسياسة استباقية فهذا غير ممكن. هذه السياسة الاستباقية غير ممكنة لأنها ممكنة فقط عندما تكون اللعبة واضحة المعالم والأهداف، حين نكون متفقين حول اللعبة، لأني لست متفقا أن يكون لكل واحد هدفه الخاص. كل المنظمات التي تنجز تقارير عن حقوق الإنسان لديها مواقف مسبقة وتريد أن تكون الصحراء دولة مستقلة، ولهذا لا يمكن أن تقنعها مهما حاولت لأنها منظمات موالية للخصم. علينا نحن كمغاربة ألا نوليها أكثر من أهميتها. وليس من الضروري إقناعها. يجب أن نكتفي بما لدينا ونقتنع بما لدينا. كيري لن تعطينا الصحراء، نحن من علينا ذلك.

ولهذا يجب أن نكون معتزين بأنفسنا، ولكن ليس باعتزاز جامد بل بواسطة سياسة خلاقة ودينامية وبمعالجة حقيقية وليس التفافية. ولهذا لا تحمّل المجلس ما لا يحتمل، لأنه هيئة استشارية أدواتها عادية تعطي استشارتها إذا طلب منها ذلك وتعمل في نطاق ما طلب منها، لهذا أسست لوضع الحكم الذاتي. وكذلك لا يمكن تحميل المسؤولية للعائدين من مخيمات البوليساريو، فعودتهم انتصار للمغرب. لا يجب أن نطالبهم بأكثر من ذلك، أي أنهم رجعوا وعليهم أن يقنعوا الآخرين للعودة إلى المغرب كذلك! العالم مبني على الأمر الواقع إذا استطعت أن تحقق شيئا بسياستك وبعملك وحنكتك وابتكاراتك حينما تشتد المعضلة وليس عندما تكون بسيطة. كيف نبتكر حلولا لنخرج من هذه المعضلة ونحن لدينا سلاح أقل وأدوات أقل وإمكانيات أقل؟ الابتكار ممكن دائما ويجب علينا ألا نبخس أنفسنا.


 سؤال: سيدي الرئيس لدي سؤالان مباشران: السؤال الأول: تحدثتم في مداخلتكم عن الحل بدون تفاوض، الحل الذي يمكن أن يقدم عليه المغرب بدون تفاوض. أتساءل ما الجدوى وما الحاجة إلى حل من قبيل الحكم الذاتي إن لم يكن الإشكال مع الطرف الآخر، على الأقل على مستوى الخطاب الرسمي الذي نسمعه منذ سنوات والذي يقول إن أصل المشكل هو الطرف الخارجي؟ إن لم نكن سنحل هذه الإشكالات والصراعات مع الطرف الآخر الخارجي، ما الجدوى من الحكم الذاتي طالما أن المغرب في صحرائه والأغلبية مقتنعة الخ؟
السؤال الثاني: بالنسبة للمجلس، ما هي وضعيته الآن؟ انتهت ولايته منذ سنوات، والاستشارة هي جزء من اسم هذا المجلس، نفترض وجود هذه المكونات حتى تكون هذه المشورة. إذن هل أنت رئيس بدون مجلس؟ بما أن خطابات ملكية متعددة تحدثت عن ضرورة تجديد المجلس دون أن يتحقق شيء لحد الآن. ما هي وضعيتكم الآن؟


جواب السيد خليهن: أولا موضوع المنتدى لا يدور حول المجلس، حتى نكون واضحين. لذا أنا لن أجيب عن هذا السؤال لأن وكالة المغرب العربي لم تطلب مني الحديث عن المجلس. ولكن المجلس قائم. وعلى كل حال لو لم يكن موجودا وقائما ما كنت لأتحدث إليك اليوم. 
قلت إننا لسنا بحاجة إلى حكم ذاتي لأنه يستوجب موافقة الطرف الآخر. إن لم يوافق ماذا تفعل؟ هل أنت ملزم بأن يمنحك الآخر الموافقة؟ هو لا يريد الحكم الذاتي. أنا أريد أن أطرح الحكم الذاتي على الصحراويين، ولكني لم أقل بتطبيقه من جانب واحد. الهدف من هذه الحلول هو أن تؤدي إلى النجاح وليس إلى استمرار الوضعية الراهنة. وإذا أردت أن تواصل انتظار موافقة البوليساريو، فعليك أن تنتظر. ولكن الانتظار لن يمنحك وضعية مريحة، لأنه سيعذبك وسيدخلك في امتحانات شهرية وفصلية وسنوية..ولكن يمكن للأمور أن تتغير لأن دوام الحال من المحال، الدوام لله وحده ولهذا على الإنسان أن يكد ويبتكر لكي لا يكون دوام الحال مصيبة بالنسبة له، بل عليه أن يسارع ويبتكر استراتيجية رابحة ويسلكها. وأنا قلت إن المغرب يمكنه أن ينجح من جانب واحد، لأن الطرف الآخر خضع للتفاوض بدون نتائج. 


سؤال: إلى أي حد يمكن الحديث عن توفق المغرب في اعتماد آليات دبلوماسية ناجحة ومساعدة في إقرار حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، خاصة في بعدها التنموي المستدام الذي يستند على معايير أممية، وخاصة النزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة والفعالية إلخ. من جهة أخرى، وفي مجال الحكامة الفاعلة، هل يمكن اعتبار ما قام به المغرب اتجاه الأقاليم الجنوبية كافيا في مجال معالجة حقوق الإنسان انطلاقا من مبادئ العدالة الانتقالية التي تستوجب ضرورة اعتماد حكامة أمنية تقوم على إصلاح أجهزة الأمن لتكون في خدمة أبناء الأقاليم الصحراوية؟ وشكرا. 


جواب السيد خليهن: أنا أعتقد أن المغرب استخدم جميع الآليات الضرورية لإقرار حقوق الإنسان: المجلس الوطني لحقوق الإنسان والجمعيات العاملة في ذات المجال. ولكي يبلغ الناس عن شكاويهم، هناك الوسيط والمحاكم والأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني لمعالجة حقوق الإنسان المتعلقة بالمس بحق التعبير عن الرأي. أما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فهي مرتبطة بالموضوع الذي سبق أن تحدثنا عنه، فما يسري على الأقاليم الأخرى يسري عليها. ليس هناك استثناء. لكن إذا تحولت الأشياء إلى وضع آخر، بطبيعة الحال حينئذ يجب توفير الموارد لتحقيق ما أشرتم إليه: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنظر في مشاكل المنطقة المرتبطة بهما لتصب -كما سبق وقلت- في تحقيق رفاه وازدهار الناس، وهذه هي قمة الحكامة. الحكامة السياسية والاقتصادية هي تلك التي تظهر نتائجها على حياة الناس، وإن لم تظهر فهي ليست بحكامة. ولهذا، فالحكامة الإدارية وحدها لا تصلح، يجب أن تكون مصحوبة بحكامة سياسية لتكون لها حصيلة إيجابية بالنسبة للمواطنين، فإن كانت إيجابية فلا بد أن تظهر في حياة المواطنين. وما هو سياسي واقتصادي يؤثر على ما هو حقوقي واجتماعي. ونتمنى أن تطبق هذه السياسة مع النموذج التنموي. 


 سؤال: تم الكشف مؤخرا عن فحوى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الذي سيعرض على مجلس الأمن. ما هي قراءتكم وقراءة المجلس لهذا التقرير؟
السؤال الثاني هو: بصفتكم رئيسا للمجلس، ما هو دور المجلس في حال ما قرر المغرب تنزيل مضامين مشروع الحكم الذاتي في المنطقة؟ شكرا


جواب السيد خليهن: أنا لست مخولا للرد على السؤال الأخير. جلالة الملك هو الذي يجيب عن هذه الأسئلة، لكن يمكنني إعطاء رأي في السؤال الأول المتعلق بتقرير الأمين العام الأممي. 
الأمم المتحدة هي هيئة تضم 199 دولة وآخر دولة انضمت إليها هي جنوب السودان. الأمم المتحدة لن تكون معك ولن تكون ضدك، فهي هيئة لن تمنحك حقك كما لن تنتزعه منك. ستقول لك كلاما وتقول نفسه لخصمك. من ينتظر من الأمم المتحدة أن تمنحه حقه فهو واهم. الرئيس الفرنسي الأسبق شارل دوغول حين سألوه عن رأيه في الأمم المتحدة قال: c’est un machin ! . لا أستطيع أن اقولها بالعربية ولكن معناها التقريبي هو المصيبة. إذا حققت نجاحا تتلقى منها تهنئة، وإذا انهزمت تقول لك آسفة وتهنئ خصمك الذي انتصر على حسابك.

هذا يعني أنه لا يجب أن ننتظر نحن المغاربة أن تعطينا الأمم المتحدة شيئا، فهي لن تعطي شيئا ولا أحد سيعطينا شيئا. نحن الذين نحقق لأنفسنا ما نريد. استرجعنا الصحراء بأنفسنا وبقوتنا الذاتية وبذوينا. نملك حقا تاريخيا وأصل أجدادنا من المغرب، ماتوا في المغرب وخدموا المغرب ووقفوا ضد الاستعمار ..قلنا أكثر من هذا، فهذا كلام يستحق التذكير به دائما ولكن يحتاج للمعالجة بآليات عصرية (management). الدبلوماسية يجب أن تعتمد على "المانجامانت"، وهكذا يتم استباق الأمور وليس بطلب إعطاء حل. 

بالنسبة لتقرير الأمم المتحدة، فهو يقول إن حقوق الإنسان يجب أن تُفعّل في الصحراء وذلك في تجاهل لما نقوم به في هذا المجال. حقوق الإنسان في يومنا هذا صارت مهزلة عندما نرى ما يجري في سوريا وفي جنوب السودان وافريقيا الوسطى! هل يوجد في الصحراء قتلى بالعشرات أو بالمئات أو بالآلاف؟ هل هناك مئات الاعتقالات؟ هل هناك انتهاكات لحقوق الإنسان؟ إنها قضية سياسية !

مهمة المينورسو محددة في الاسم، فهي بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية، مهمتها الإشراف على تنظيم استفتاء إضافة إلى مهمة مراقبة وقف إطلاق النار، ولا تتضمن شيئا آخر. بداية، المينورسو فشلت في قضية تحديد الهوية وكانت تعتبر مراقبة حقوق الإنسان مجرد إجراء مرتبط بحملات تنظيم الاستفتاء التي تشرف عليها. وبما أن الاستفتاء لم يتم ولن يتم لا اليوم ولا غدا ولا حتى في سنة 2500 لأن أمره انتهى، فلا دور إذن للأمم المتحدة ولا للمينورسو في مجال حقوق الإنسان. ثم إنه من حق المغرب، كأي دولة، وأؤكد على هذا، من حق المغرب أن يرفض كل ما يمس بحقوقه السيادية أيا كانت، سواء في مجال حقوق الإنسان أو في مجال الدبلوماسية. لقد رأينا ما جرى في إسبانيا الأسبوع الماضي من تصويت البرلمان ضد الاستفتاء في منطقة كاتالونيا. وقد حظي بمساندة الاتحاد الأوروبي. نحن كذلك يجب أن نقول لا للاستفتاء، لا لمراقبة حقوق الإنسان، لا لأي مراقبة أممية في إقليم الصحراء إلا وقف إطلاق النار. وعلينا ألا نخشى شيئا أو أحدا في هذا الأمر. في العلاقات بين الدول، إذا كنت دولة ضعيفة يسحقونك، وإذا كنت دولة قوية يخشونك، أو على الأقل يحترمونك. 

جاء في تقرير الأمم المتحدة كذلك موضوع الثروات الطبيعية، وأنا أقول بكل نزاهة ودون مبالغة، نعم في الصحراء ثروات ولكن الثروات الموجودة في الصحراء هي إما صيد بحري أو فوسفاط. وهذه الثروات استفاد منها الناس حاليا ولكن المغرب لم ينتظر حتى يومنا هذا ليستفيدوا منها، بل استثمر فيها منذ 1976 للنهوض بها وبدون النظر في مسألة وجود الثروات من عدمه، فاستثمر في الطرقات والموانئ والمطارات والكهرباء والسكن والمدارس والتعليم والمساعدات التي تستفيد منها المنطقة. الموضوع الأساسي بالنسبة للمغرب ليس هو الثروات. 

هل هذه الثروات ستستفيد منها المنطقة ضمن ما هو مخطط لها مستقبلا؟ نقول نعم، نحن أشرنا لهذا الموضوع في مشروع الحكم الذاتي، وقلنا إنه في حالة لم تكف الثروات الطبيعية المحلية لتمويل مصاريف الحكم الذاتي يلزم الدولة المغربية تغطية البقية. إذن الموضوع سياسي يراد به شيء آخر. يقال سمعنا أنه يجري التنقيب عن البترول وإذا تم العثور عليه، سيتوجب تقاسمه مع سكان المنطقة. أثار انتباهي كذلك مقارنة المغرب وجبهة البوليساريو في مجال حقوق الإنسان. أقل ما يمكن أن يقال عن هذه المقارنة -وأظن أن البوليساريو يعتقد نفس الشيء- أنها مقارنة غير ممكنة. لا يمكن مقارنة الأوضاع الموجودة في مخيمات البوليساريو بالأوضاع في دولة عريقة.

الناس في البوليساريو يأتون دائما إلى العيون من كركريت بجواز سفر جزائري ومويتاني، ومنهم قياديين أعرفهم، ولكنهم لم يأتوا عن طريق الأمم المتحدة، بل يأتون بصفة شخصية وبمفردهم ليستطلعوا الأوضاع. وما يطلعون عليه يعجبهم. المقارنة مع البوليساريو هي مقارنة سياسية وليست حقوقية. لا يوجد أي حق مضمون في المخيمات، وأول الحقوق حق اختيار البقاء في المخيمات أو مغادرتها. هل هذا الحق مطبق؟ لا. هل يتمتع سكان المخيمات بحق المغادرة رفقة أبنائهم؟ لا. هل يتوفر الناس على جوازات سفر؟ لا. لكي تحصل على جواز جزائري يجب دفع 250 ألف دينار جزائري أي 25 ألف درهم. ولكي تحصل على جواز موريتاني زادت التعقيدات، فلا بد أن تكون مشمولا بالإحصاء منذ مدة.  ولهذا غالبية البوليساريو سجلوا أنفسهم في الإحصاء الموريتاني الأخير. تم تسجيل 12 ألف من سكان المخيمات في الإحصاء الأخير المنجز بموريتانيا قبل بضعة أشهر، لماذا؟ ليس لأنهم يريدون أن يكونوا موريتانيين، بل لأنهم يريدون ضمان الحصول على وثيقة الحرية أيا كانت، من أنغولا أو مالي أو موريتانيا أو أي جهة أخرى، وثيقة تجعلني قادرا على أن أتنقل أينما أشاء. إذن الحرية الأولى التي هي حرية التنقل لا وجود لها في المخيمات.

كما أن الأمم المتحدة لم تقم بواجبها لإحصاء سكان المخيمات، لماذا؟ لأن البوليساريو والجزائر يرفضان بسبب أن الإحصاء يترتب عنه أشياء، أولها معرفة عدد الأشخاص، بينما البوليساريو تسجل على لائحة المساعدات الدولية 165 ألف شخص، فإذا تم إحصاؤهم وانكشف عددهم الحقيقي، ستخفض المساعدات بشكل كبير جدا. كذلك يترتب عن الإحصاء أن الأمم المتحدة يحق لها أن تطرح عليهم السؤال التالي: هل تريد البقاء في المخيمات أم المغادرة إلى بلد ما؟ والأمم المتحدة تضمن لك ذلك. وهذه هي النقطة المهمة، لأنه حتى لو تم تقليص المساعدات، فالجزائر قادرة على  تعويض هذا التقليص. الجزائر تعطي سنويا 10 ملايين دولار لبرنامج الأمم المتحدة للغذاء كي تستمر المساعدات. والمساعدات الجزائرية تمر طبعا عبر الهلال الأحمر الجزائري. إذن لا يوجد في الجزائر ما يدل على وجود الحد الأدنى من الإنسانية في المخيمات.

كما أنه لا يمكن أن نطالب بمراقبة حقوق الإنسان في المخيمات، لأنه لا يجوز إقامة هيئة لمراقبة السجن، فذلك سيعطي الشرعية لبقاء المخيمات، خصوصا الآن، حيث تعيش المخيمات معاناة كبرى بسبب تدخل فرنسا في شمال مالي ولأسباب ترضي جبهة البوليساريو، حيث قررت الجزائر تشديد المراقبة على المخيمات ومحاصرة السكان ومنعهم من التنقل، وخاصة التنقل الذي يستفيد منه الناس مثل التجارة. ويوما ما سينفجر الوضع في وجوههم،لأن المخيمات أصبحت في ضيق وأصبحت مجرد شبح، لأن غالبية الناس رحلوا إلى موريتانيا أو إسبانيا أو إلى منطقة تندوف. بقي في المخيمات الآن كبار السن والأطفال والنساء، أي كل من لا يتوفر على وسيلة مادية أو وثائق كالجنسية الإسبانية أو الموريتانية التي تمكنهم من التنقل إلى خارج المخيمات. 

إذن التقرير الأممي سالف الذكر عليه انتقادات كثيرة. وكذلك قضية تصفية الاستعمار، فقضية الصحراء رغم أنها لا تزال مسجلة لدى اللجنة الأممية الرابعة، فإن تصفية الاستعمار تمت عندما وقع المغرب مع اسبانيا، لأنها كانت الدولة المستعمرة للصحراء. وكونها مسجلة لدى اللجنة الرابعة عام 1963 هو بسبب وجود إسبانيا فيها وليس بسبب وجود المغرب. ولأسباب سياسية والخلاف القائم مع الجزائر، لم يحذف ملف الصحراء من اللجنة الرابعة. إذن تدخل الجزائر منذ 1976 هو الذي أدى إلى عدم إزالة ملف الصحراء من اللجنة الرابعة، وليس لأنها لا تزال في يد الاستعمار الذي انتهى حينما خرجت إسبانيا من المنطقة. 
ولهذا أقول إنه على الأمم المتحدة أن تنكب على إقناع جبهة البوليساريو والجزائر بالاتجاه نحو الحل الواقعي والتوافقي والسياسي وهو الحكم الذاتي. لماذا ننادي نحن بالحكم الذاتي؟ ليس لأننا نريد فرض الحكم الذاتي، بل لأنه لا يوجد حل آخر غير الحكم الذاتي. لكن من حق البوليساريو أن يتفاوض حوله. وكل اتجاه آخر تسلكه الأمم المتحدة غير هذا يفرض فيه على الجهة الأخرى أن تتفاوض على غير الحكم الذاتي سوف يفشل. 

ويجب ألا نخاف كثيرا من هذا التقرير. هذا مجرد تقرير، كلام. يكفي المغرب أن يقول لا، كلمة Niet أي أني أرفض. تريد مراقبة حقوق الإنسان؟ أرفض. تريد الثروات؟ أرفض. أي شيء تطالبني به سأرد ب:لا. ماذا سيقع؟ لكن يجب أن يكون وجودك قويا في المنطقة، فقط، هذا هو المطلوب منك حتى يطمئن الصحراويون، وهم أصلا ذو طبع قنوع ومتعقل. وهم واعون ولا يستبدلون المغرب بأي أحد. يكفي أن يمنحهم المغرب القليل وهم سيقبلون. وحتى نكون واضحين: الصحراويون أناس جادون يحبون المغرب جدا بمن فيهم أولئك في المخيمات وأستثني منهم بضعة مئات، حوالي 800 شخص يمثلون جهاز البوليساريو ومنظومته الدبلوماسية والعسكرية والأمنية الخ، ويمكن أن أخفض عددهم أكثر إن دققت معك أكثر. ما عدا هؤلاء، فإن بقية الصحراويين مستعدون للالتحاق بالمغرب. هؤلاء لا علاقة لهم بالجزائر، والدليل على ذلك توتر العلاقات بين المخيمات والشرطة الجزائرية. إذن للأمم المتحدة يمكن أن تقول لا، لا، لا وللصحراويين نعم، نعم، نعم. وهكذا تحل مشكلتك (ضحك). 


 سؤال: ماء العينين من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان: السيد الرئيس، أنا سأبتعد قليلا من الحقوق السياسية لأنه تم الحديث عنها والتركيز على الحقوق الاقتصادية. ماذا فعل المجلس لحماية الحقوق الاقتصادية ومحاربة اقتصاد الريع في المنطقة؟ ماذا فعل المجلس لصالح الحقوق الثقافية والقضاء على النظرة الفلكلورية حولها؟ وماذا عن الحق في البيئة الصالحة والحق في الصحة والحق في التعليم؟ نعرف أن كافة هذه الحقوق وضعها كارثي في المغرب، لكن الوضع أكثر خطورة من كليميم في الجنوب منه في الشمال؟ وماذا فعل المجلس في التفاعل مع المجتمع المدني والهيئات الحقوقية، أي ما هو موقعه من ذلك؟


 سؤال: أحمد سالم، باحث في العلاقات الدولية متخصص في الصراع السياسي. لدي سؤال متعلق بعنصر المفاجأة. سيدي الرئيس، قلتم عدة أفكار حول مسلسل التفاوض بشأن الحكم الذاتي ولكن أعتقد أن الحكم الذاتي تعرض الآن لعنصر المفاجأة مصدرها الجو العام في منطقة الصحراء والعالم العربي بشكل عام أو ما يسمى بالربيع العربي. وطبيعة هذه المفاجأة هي أنه يتم إهمال المفاوض الحقيقي الذي ليس هو المفاوض الرسمي بالتأكيد ولكنه المفاوض الأصلي ولديه كلمته، وهو الشباب الصحراوي. هذا الشباب يقول كلمته من خلال مقالات صحفية وعلى مواقع الشبكات الاجتماعية. الشباب الصحراوي هو شباب متعلم وذو مستوى عال: دكاترة، مهندسين، محللين، خبراء في عدة مجالات. يقولون كلمتهم من خلال قراءتهم للأوضاع الدولية، فهم لا يكترثون مائة بالمائة بالمفاوضات. سؤالي السيد الرئيس: هل تعتقدون أن مشروع الحكم الذاتي يحتاج إلى تحديث عاجل يضع إجراءات عملية موجهة للشباب الصحراوي؟ ثم هل يمكن خلق قناة من المجلس تعتمد على الشباب الصحراوي الذي يثق في الملكية وفي خليهن ولد الرشيد كفرصة أخيرة لحل مشاكلهم، هؤلاء الشباب الذين رفعوا في العيون لافتات مؤخرا تقول خيراتنا كفيلة بتشغيلنا وضمان حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية ويريدون إجراءات عاجلة ليحسوا بأنهم ينتمون إلى المؤسسة والمجلس.


جواب السيد خليهن:: أنا أعرف أن الناس تضع المجلس في مكان ليس بمكانه. المجلس ليس مجلسا يحل محل المؤسسات القائمة. مكان المجلس هو لدى جلالة الملك ولكن في إطار التكليف الذي كلف به. وقد نظمنا دورات خاصة موضوعاتية، منها الموضوع الثقافي. نحن طالبنا بإنشاء معهد الدراسات الحسانية. أنا متفق معك ضد كل ما هو فلكلوري، وأنه يجب أن يتم ضمن إطار ما وتوفر له الآليات الضرورية كذلك. نحن اهتممنا أيضا بالقضايا الأخرى، وهي البرامج التي تطبقها حاليا الدولة في الأقاليم، وهي برامج سطرناها في الدورات المختلفة للمجلس، كالبرامج السكنية الكبرى التي قضت على كل مظاهر السكن غير اللائق المترتب عن المخيمات وفي جميع المدن، وبرامج التعليم العالي في العيون والداخلة والبرنامج الكبير مع وزارة الصحة رغم أنه عرف بعض التأخر لأسباب خارجة عن إرادتنا وربما إرادة الدولة، ولكنه في طريق الحل وعدة برامج في ميادين عدة. في اعتقادي أنه تمت دراسة الوضعية بشكل كبير حينما أقدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على تهيئ النموذج التنموي الذي راجعنا بشأنه. وكل شيء يعتمد على من سيطبق ذلك وكيف سيتم ذلك، ولكني متيقن بأن المستقبل سيلبي انتظارات الناس قريبا.

كذلك نفس السؤال بالنسبة للشباب، وكما قلت الشباب هو المستفيد من التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لأنه القوة الصلبة والعمود الفقري للمغرب بصفة عامة وللصحراء بصفة خاصة. ولهذا أنا لا أميل إلى عزل الشباب عن المجتمع، لأن المجتمع كتلة واحدة وهذه الكتلة لديها شكاوي ومشاكل، وأعتقد بأنه حان الوقت لحلها، وتحقيق الأمل قريب إن شاء الله. للصحراء مستقبل واعد، خصوصا وأن جلالة الملك جعلها بمثابة قنطرة نحو القارة الافريقية لتحقيق التنمية الاقتصادية. الصحراء قادرة على أن تكون منطقة لتحقيق التنمية المنشودة، ليس لسكانها فقط، بل منطقة لتحقيق إقلاع اقتصادي كبير جدا. 


ممثل وكالة المغرب العربي للأنباء: نطلب من السيد الرئيس كلمة أخيرة قبل إنهاء هذا اللقاء.

كلمة أخيرة

جواب السيد خليهن: أود أن أشكر وكالة المغرب العربي للأنباء على إتاحة هذه الفرصة وأشكر كل الذين حضروا معنا للمشاركة فيها وأشكر كذلك الصحفيين وأعتذر عن الأجوبة التي لم تطابق توقعاتهم. وأنا أقول إنني إنسان متفائل والتفاؤل مهم جدا في مجال الدبلوماسية والسياسة، ومهم في كل معركة أيا كانت، سواء على المستوى الشخصي أو العمومي. ولهذا أنا متيقن بأن المغرب بقوة وإرادة ملكه وبروح الابتكار وطيبوبة شعبه وأبناء الصحراء وتمسكهم بالأمة المغربية سيخرج منتصرا الآن وغدا في هذه القضية وأن هذا النزاع سينتهي لصالح المغرب. متى سيقع ذلك؟ يوم لا ننتظر فيه أن يأتينا النصر من الخارج، بل على أيدينا نحن. ولأن الطرف الآخر، رغم كل ما يقال، يظل في وضع هش وضعيف جدا والدليل على ذلك وجود الجزائر في الواجهة، وذلك مما يدل على أن البوليساريو تقهقر وضعفت أطروحته. 
اليوم قضية الصحراء توجد بين أيدي ثلاثة دول: الجزائر ونيجيريا وجنوب افريقيا، بينما تفقد البوليساريو التأييد في القارات التي كانت تعتمد عليها. في القارة الأسيوية لم تبق أي دولة تعترف بها أو تآزرها أو تساندها. ولم يتبق في أمريكا اللاتينية سوى فنزويلا المنشغلة بأوضاعها، وحتى كوبا لم تعد تؤيد البوليساريو لأنها تغيرت وهي مقبلة على الديمقراطية والتفتح وليس كما كان يفعل الحزب الشيوعي سابقا. والقارة الافريقية هي قارة صاعدة من الناحية الاقتصادية. وقد وصل معدل التنمية فيها الآن بين 6 إلى 8 في المائة. لكن المحاولات التي تمت في السنوات الأخيرة من حيث إذكاء نزعة الانفصال في بعض الدول مثل جنوب السودان باءت بالفشل. انفصال جنوب السودان مصيبة ألمت بالمنظومة الدولية بما فيها الدول التي ساهمت في فصل السودان والأمم المتحدة التي رعته لأن جنوب السودان بيّن بأن الدول لا يمكن أن تقام على القبلية والأسس التي تبدو ظاهريا إيجابية ولكنها غير مدروسة. السودان هي كارثة بالنسبة لفصل الدول بل هي آخر محاولة، والآن بدأوا محاولة توحيد البلد. والمثال قائم كذلك في افريقيا الوسطى حيث كان الناس يتعايشون منذ قرون وأصبحوا الآن في فتنة. الانفصال لا يمكن أن يؤدي إلى التنمية أو الازدهار. ولهذا نحن متيقنين بأن الصحراء هي أقوى داخل المغرب وأصلح، وهذا هو الأقرب إلى ميول الناس وطموحهم. وحتى لو واصلت جبهة البوليساريو -لأسباب ترتبط بالأوضاع الداخلية للجزائر- التشبث بمواقفها المتصلبة فسوف يهجرها الناس في يوم من الأيام، فسكان المخيمات يريدون الرجوع إلى وطنهم. لا شيء عاطفي ولا سياسي ولا مادي ولا اقتصادي يربطهم بتلك المخيمات. وللأسف فإن بقاءهم فيها هو فوق إرادتهم. نتمنى أن تتم عودتهم قريبا وتكون سنة 2014 سنة لطي صفحة نزاع الصحراء بالانتصار المطلق للمملكة المغربية في جميع ترابها وأن يسعد الجميع بذلك، الشعب المغربي عموما والشعب الصحراوي خاصة. وهذا يعني أن يكون الصحراويون راضون على الحل الذي سيقام، لكي لا ينظروا إلى جهات أخرى هي من جعلتهم يصلون إلى ما هم عليه اليوم من مشاكل وتراكمات سلبية.
ولهذا أشكر من جديد وكالة المغرب العربي للأنباء أولا على ما تقوم به من عمل، كما أغتنم هذه المناسبة لأشكركم على مساندتكم المجلس طيلة هذه المدة، وخصوصا في فترة التأسيس. نشكركم كثيرا ونشكر كذلك الحضور والسلام عليكم.


ممثل وكالة المغرب العربي للأنباء: شكرا لكم السيد خليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية.


 

 الموقع لا يتحمل مسؤولية سير عمل ومضمون الروابط الإلكترونية الخارجية !
جميع الحقوق محفوظة © المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية 2024